للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممّا يدلُّ، على أنَّ التنوين في جَوارٍ وغَواشٍ١ وأمثالهما عِوَضٌ من الحرف المحذوف، أنهم لا يحذفون في مثل الجواري والأُعَيمِي وجَوارِيك وأُعَيمِيك؛ لأنهم لو حذفوا لم يكن لهم سبيل إلى العوض؛ لأنَّ التنوين لا يمكن اجتماعه مع الإضافة، ولا مع الألف واللام. وهم قد عزموا على ألَّا يحذفوا إِلَّا بشرط العِوَض، فامتنع الحذف لذلك.

وقد تُجري العرب الاسمَ الذي في آخره ياء مكسور ما قبلها مُجرى الصحيح الآخِر، في الأحوال كلِّها، فتُظهر الإعراب. وذلك في ضرورة الشعر، نحو قوله٢.

فيَومًا يُوافِينَ الهَوَى, غَيرَ ماضِيٍ ... ويَومًا تَرَى, مِنهُنَّ, غُولًا تَغَوَّلُ

فجرَّ الياء من "ماضي".

وقال الآخر٣:

تَراهُ, وقَد فاتَ الرُّماةَ, كأنَّهُ ... أَمامَ الكِلاب مُصْغِيُ الخَدِّ أَصلَمُ

فرفع الياء من "مُصغي". وقال الآخر٤:

خَرِيعُ دَوادِيَ, في مَلعَبٍ ... تأزَّرُ طَورًا, وتُرخِي الإِزارا

ففتح "دوادي" في موضع الخفض. وكذلك قول الآخر٥:

قَد عَجِبَتْ مِنِّي, ومِن يُعَيلِيا ... لَمَّا رأتْنِي خَلَقًا, مُقلَولِيا

بفتح الياء من "يُعَيلي"٦ في موضع الخفض٧.

وكذلك أيضًا قد يُجرون المنصوب من ذلك مُجرى المرفوع والمخفوض، فيُسْكِنون في


١ م: "عواش". والأرجح أن يكون بدلًا منها "أُعَيمٍ"؛ لأنَّ "غواش" لم ترد قبل ولا بعد. فكأن ابن عصفور سها، وهو ينقل من المنصف ٢: ٧٠، فأثبت "غواش" تبعًا لابن جني.
٢ جرير. ديوانه ص٣٥٥ والخصائص ٣: ١٥٩ والكتاب ٢: ٥٩ وضرائر الشعر ص٤٢ والنوادر ص٢٠٣ والخزانة ٣: ٥٣٤ واللسان ١٤: ٢١ والمنصف ٢: ٨٠. وانظر العيني ١: ٢٢٨ واللسان "مضى" ونقائض جرير والأخطل ص٦٤. وتغول: تتلون.
٣ أبو خراش الهذلي. ديوان الهذليين ٢: ١٤٦ والمنصف ٢: ٨١ والخصائص ١: ٢٥٨. والمصغي: المائل. والأصلم: المستأصل الأذنين. يصف ظليمًا. وفي ديوان الهذليين وشرح أشعار الهذليين ص٢١٩ روي "مصغي" بالنصب. وقال السكري: نصب "مصغي" على الحال.
٤ الكميت. ديوانه ١: ٩٠ والكتاب ٢: ٦٠ وضرائر الشعر ص٤٢ والمنصف ١: ٨٠. يصف جارية. والخريع: اللينة المعاطف. والداودي. موضع تسلق الصبيان ولعبهم. ومعنى المصراع الثاني أنها لا تبالي لصغرها كيف تلعب.
٥ الكتاب ٢: ٥٩ وضرائر الشعر ص٤٣ والمنصف ٢: ٦٨ والخصائص ١: ٦ واللسان "قلو". ونسبه محقق الخصائص والشنقيطي في الدرر ١: ١١ إلى الفرزدق. ويعيلٍ تصغير يَعلى. والمقلولي: الذي يتململ على الفراش حزنًا.
٦ م: ففتح فعيليا.
٧ م: في موضع الجر.

<<  <   >  >>