للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامهم مثل "وَعَوتُ"١ فالأحرى ألَّا يجيء مثل أوَّل؛ لأنَّ "وَعَوتُ" مثل "سَلِس"٢، وأوَّل مثل دَدن.

فإن قال قائل: إنَّما يكون ما ادَّعيته في "أوَّل" صحيحًا, من أنَّ فاءه وعينه واوان، إذا كان وزنها "أفعَل". فما تُنكر أن يكونَ وزنها "فَعَّل"، فتكونَ الواو عينًا مضعَّفة؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أنها "أفعَل" لزوم "مِن" لها، فتقول: لقيتُه أوَّلَ مِن أمسِ، كما تقول: زيدٌ أفضلُ مِن عمرو٣، مع منع الصرف.

فإن قيل: وما تُنكر أن٤ يكون "أَفعَل" من "وأَلتُ" أو مِن "أُلْتُ"٥ كما ذهب إليه الفرَّاءُ، فيما حكاه ثعلب عنه، والأصل "أَوْأَل" إن كان من "وألتُ"، أو "أَأْوَل" إن كان من "أُلتُ"، ثمَّ أُبدل من الهمزة واو٦ وأُدغمتِ الواو في الواو؟ فالجواب أنه لو كان في الأصل "أوْ أل" لجاز أن يجيء على أصله، في موضع من المواضع، ولم نسمعهم نطقوا به هكذا.

فإن قلت: فلعلَّه التُزم التخفيف فيه٧، كما فُعل في النبيِّ والبريَّة. قيل: ذلك قليل، مع أنَّ قياس تخفيف "أَوْأَل": "أَوَل"٨ بإلقاء حركة الهمزة على الواو، وحذف الهمزة.

فإن قيل: فلعلَّهم خفَّفوه على قياس: شَيّ وضَوّ. فالجواب أنَّ ذلك أيضًا لا يُقاس، وإنَّما القياس: شَيٌ وضَوٌ. وأيضًا فإنَّا إنَّما قلنا: "إنَّ النبيَّ والبريَّة ممّا أُلزِم التخفيف البتة" لقِيام الدليل على ذلك، لكونهما من النبأ ومن "برأ اللهُ الخلقَ"، ولم يقم دليل على أنَّ أوَّل من "وألَ"، فتزعمَ أنه أُلزم٩ التخفيف.

فإن قيل: الذي يدلُّ على أنَّ العين من أوَّل همزة قراءةُ من قرأ "وأَنَّهُ أَهلَكَ عادًا الُّؤْلَى"١٠، فتكون همزة العين دالَّة على أنَّ الأصل الهمزة. قيل: القراءة شاذَّةٌ، وإِذا ثَبَتَ بها رواية فقياسها أن تُحمل على قول الشاعر١١:

أحَبُّ المُؤقِدِينَ إِلىَّ مُوسَى ... وجَعْدةُ, إِذ أَضاءَهُما الوَقُودُ


١ م: رعوت.
٢ م: ملس.
٣ م: من عمر.
٤ ف: من أن.
٥ ف: "أالت". وصوب في حاشيتها بخط أبي حيان عن نسخة أُخرى كما أثبتنا. وألت: من آل يؤولُ.
٦ ف: واوًا.
٧ سقط من م.
٨ م: أوّل.
٩ م: فيزعم أنه التزم.
١٠ الآية ٥٠ من سورة النجم. وهذه قراءة قالون. انظر القراءات الأربع عشرة ص٤٠٣ والبحر المحيط ٨: ١٦٩ والتبيان ٩: ٤٣٧.
١١ تقدم تخريجه في ص٦٩. وانظر ص٢٢٦.

<<  <   >  >>