للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَلَّمُ١ وبَذَّرُ٢ وبَقَّمٌ فأعجميَّات٣.

وقد مدَّ بعضهم فقال: العَوَّاءُ. وهو قليل، ويحتمل ذلك ضربين من الوزن:

أحدهما: أن يكون "فَعْلاء"، والأصل "عَوْياء" فقُلبت الياء واوًا وأُدغمت الواو في الواو. وإنَّما قلبوا الياء واوًا في "فَعْلاء" الممدودة، وليس قياسها ذلك؛ لأنَّ الأصل والأكثر فيه٤ القصر. وكأنهم لمَّا مدُّوه من قصر أبقَوُا الواو فيه المنقلبة٥ عن الياء، تنبيهًا على أنَّ المدَّ فيه عارض، كما صحَّ "عَوِرَ" لأنه في معنى: اعْوَرَّ. ويكون قلبهم الياء واوًا فيه شذوذًا، كما قالوا: عَوَى الكلبُ عَوَّةً، والأصل "عَوْيَة" فقلبت الياء واوًا. حكى ذلك ابن مِقسمٍ عن ثعلب٦.

والآخر: أن يكون "فَعَّالًَا"، وكأنه في الأصل "عَوَّاي"، ثمَّ قلبت الياء همزة لتطرُّفها ووقوعها بعد ألف زائدة، فصار "عَوَّاء". وكأنه ذُهِب به٧ إلى معنى المنزل ولذلك ذُكِّرَ، وذُهِب بـ"عَوَّى" المقصورة إلى معنى المنزلة ولذلك أُنِّثت.

وأمَّا "رَيّا" التي يُراد بها الرائحة، من قوله٨:

[إِذا التَفَتَتْ نَحْوِي تَضَوَّعَ رِيحُها, ... نَسِيمَ الصَّبا] , جاءتْ بِرَيّا القَرَنفُلِ

فصفة من معنى: رَوِيَتْ. وكان الأصل فيه "رائحة رَيَّا"٩ أي: ممتلئة طيبًا. ولو كانت اسمًا لكانت "رَوَّى"١٠؛ لأنَّ أصلها "رَوْيا"، فكنتَ١١ تُبدل الياء واوًا كما فعلتَ ذلك في "عَوَّى"١٢ ثمَّ تُدغم الواو في الواو. فلمَّا لم يقولوا ذلك علمنا أنها صفة أصلها "رَوْيا"، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء.

فإن قيل١٣: فهلَّا ادُّعِيَ أنَّ "رَيَّا" اسم وأنها في الأصل "رَيْيا" فيكون ١٤ من باب ما عينه


١ شلم: اسم موضع بالشام.
٢ بذر: اسم ماء من مياه العرب. وانظر معجم البلدان "بذّر".
٣ البقم: العندم. وهو صبغ معروف. وانظر التاج "بقم" والمعرب ص٦٠-٦١.
٤ أي: في العواء.
٥ م: فكأنهم مدوه من قصر فلذلك أبقوا الواو فيه منقلبة.
٦ مجالس ثعلب ص١٢٣ والمنصف ٢: ١٦٠.
٧ م: ذهب بعواء.
٨ من معلقة امرئ القيس. ديوانه ص١٥٠. وتضوع: انتشر. والريح: الرائحة. والصبا: الريح اللطيفة تأتي من المشرق.
٩ سقط من م: "أي ممتلئة طيبًا" وزاد فيها: انقلبت إلى باب ما اعتل لامه وعينه.
١٠ م: روّا.
١١ م: وكنت.
١٢ م: شروى.
١٣ م: فإن قال قائل.
١٤ م: فهي.

<<  <   >  >>