للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو يكن١ أحد المِثلين في أوَّل الكلمة٢ أو تاءَ "افتَعَلَ". فإن كان أحد المثلين في أوَّل الكلمة فإنه لا يخلو [٥٩ب] من أن يكون الثاني إذ ذاك زائدًا، أو غير زائد. فإن كان زائدًا لم تُدغِم، نحو: تَتَذكَّرُ؛ لأنك إذا استثقلت اجتماع المثلين حذفت الثاني فقلت تَذكَّرُ؛ لأنه زائد وليس في حذفه لَبس. وإن كان الثاني أصليًّا فإن شئت أدغمت -وذلك بتسكين الأوَّل، وتحتاج إذ ذاك إلى الإتيان بهمزة الوصل؛ إذ لا يُبتدأ بساكن- وإن شئت أَظهرت. وذلك نحو: تَتابَعَ واتَّابَعَ.

فإن قيل: ولأيِّ شيء لم تَحذِف إحدى التاءين٣ كما فعلت ذلك في: تَذكَّرُ؟ فالجواب أنَّ التاء٤ هنا أصلٌ، فلا يسهل حذفها. وأيضًا فإنَّ حذفها يؤدِّي إلى الالتباس٥؛ ألا ترى أنك لو قلت: "تابَعَ"٦، لم يُدْرَ: أهو "فاعَلَ" في الأصل أو "تَفاعَلَ"؟.

فإن قال قائل: فلأيِّ شيء لم يُدغَم في "تَتَذكَّرُ" وأمثاله؟ فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك شيئان:

أحدهما: أنَّ الفعل ثقيل. فإذا٧ أَمكن تخفيفه كان أَولى. وقد٨ أمكن تخفيفه بحذف أحد٩ المثلين، فكان ذلك أَولى من الإدغام الذي يؤدِّي إلى جلب زيادة.

والآخر: أنك لو أَدغمت لاحتجت إلى الإِتيان بهمزة الوصل، وهمزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع لاسم الفاعل أصلًا، كما لا تدخل على اسم الفاعل١٠. وليس كذلك "تَتابَعَ" لأنه ماض، والماضي قد تكون في أوَّله همزة الوصل، نحو: انطلَقَ واستَخرَجَ واحمَرَّ.

فإن قال قائل: فلأيِّ شيء لم يُلزَم١١ "تَتابَعَ" الإدغامَ و"تَتَذكَّرُ" الحذفَ، ويُرفَضِ١٢ اجتماع المثلين كما رُفض ذلك في: رَدَّ؟ ١٣ فالجواب أنَّ التاء في مثل "تَفاعَلَ" و"تَفَعَّلَ" لا


١ العطف على "لم يكن". وفي النسختين والمبدع: أو يكون.
٢ كذا. وفيه اضطراب؛ لأنه فرع مما مضى في الفقرتين قبل، وهما فيما لم يقع أحد المثلين أول الكلمة كما جاء في مطلع التي قبلهما.
٣ م: الياءين.
٤ م: الياء.
٥ م: الإلباس.
٦ م: بايع.
٧ م: فمهما.
٨ م: فإن.
٩ م: إحدى.
١٠ في النسختين: "على الفعل المضارع أصلًا". وقد ضرب أبو حيان عليها في نسخة ف، وصوبها كما أثبتنا.
١١ سقط "لم يلزم" من م.
١٢ م: ورفض.
١٣ م: رُدّ.

<<  <   >  >>