للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا الضاد والشين فإنهما، وإن لم تقاربهما في المخرج، فإنَّ التقارب بينهما وبينها من حيث لحقت الضادُ باستطالتها، والشينُ بتفشِّيها، مخرجَها. والضاد أشبه بها من الشين؛ لأنَّ الضاد قد أشبهتها١ من وجه آخر. وهو أنها مُطبقة كما أنَّ الطاء والظاء كذلك.

وأمَّا إدغامها في الجيم فحملًا على الشين؛ لأنهما من مخرج واحد.

والإدغام في جميع ما ذُكر أحسنُ من البيان. والسبب في ذلك أنَّ أصل الإدغام لحروف طرف اللسان والفم، بدليل أنَّ حروف الحلق يُدغَم منها الأدخل في الأخرج؛ لأنه يَقرب بذلك من حروف الفم، ولا يُدغَم الأخرج في الأدخل؛ لأنه يبعد بذلك من حروف الفم، ويتمكَّن في الحلق.

وإنَّما كان الإدغام في حروف الفم و [طرف] اللسان أولى لكثرتها. وما كَثُرَ استدعى التخفيف. وأكثر حروف الفم من طرف اللسان؛ لأنَّ حروف الفم تسعةَ عَشَرَ، منها اثنا عَشَرَ حرفًا من طرف اللسان. فلذلك حسن الإدغام في هذه الحروف.

والبيان في بعضها أحسن منه في بعض، وذلك مبنيٌّ على القرب بين الحرفين. فما كان أقرب إلى ما بعده كان إدغامه أحسن٢. وذلك أنَّ الإدغام إنَّما كان بسبب التقارب. فإذا قوي التقارب قوي الإدغام٣، وإذا ضعف ضعف.الإدغام:

فتبيين هذه الستة الأحرف إذا وقعت قبل الجيم أحسنُ من بيانها٤ إذا وقعت قبل الشين؛ لأنَّ إدغامها في الجيم بالحمل على إدغامها في الشين. بل لم يحفظ سيبويه إدغامها في الجيم كما تَقَدَّمَ.

وتبيينها إذا وقعت قبل الشين٥ أحسنُ من تبيينها إذا وقعت قبل الضاد؛ لأنَّ الشين أبعد منها من الضاد؛ لأنَّ الشين٦ أشبهتها من جهة واحدة -وهو اتصالها بمخرجها بالتفشِّي الذي فيها، كما٧ تَقَدَّمَ- والضاد أشبهتها من وجهين. وهما٨: اتصالها بها بسبب الاستطالة، والآخر٩


١ م: أشبهت.
٢ م: أقوى.
٣ سقط من م.
٤ م: ثباتها.
٥ سقط من م حتى "وقعت قبل".
٦ م: السين.
٧ سقط من م.
٨ في النسختين: وهو.
٩ سقط "الآخر" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.

<<  <   >  >>