للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيدوا قولهم بما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حلَّ للرجال من أهله حتى يرجع الناس) رواه البخاري ومسلم (١).

قال الماوردي: [فكان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضحاياه، لأنه كان بالمدينة وأنفذها مع

أبي بكر - رضي الله عنه - سنة تسع، وحكمها أغلظ لسوقها إلى الحرم، فلما لم يحرم على نفسه شيئاً كان غيره أولى إذا ضحى في غير الحرم] (٢).

وقال أبو عبد الله الآبي المالكي: [مذهبنا أنه لا يلزم العمل بهذه الأحاديث - روايات حديث أم سلمة – لحديث عائشة ... وبعثُ الهدي آكدُ من إرادة الأضحية] (٣).

أدلة القول الثالث: احتجوا بحديث عائشة السابق وحملوه على الإباحة وقدموه على حديث أم سلمة.

قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث عائشة: [ ... ففي ذلك دليل على إباحة ما قد حظره الحديث الأول – يعني حديث أم سلمة – ومجيء حديث عائشة رضي الله عنها أحسن من مجيء حديث أم سلمة رضي الله عنهما لأنه جاء مجيئاً متواتراً.

وحديث أم سلمة فلم يجئ كذلك، بل قد طعن في إسناد حديث مالك، فقيل إنه موقوف على أم سلمة.

ثم ذكر الطحاوي حديث أم سلمة برواية مالك وفيه: (عن أم سلمة رضي الله عنها ولم ترفعه قالت: من رأى هلال ذي الحجة ... الخ).

وذكر رواية أخرى وفيها: (عن أم سلمة مثله ولم ترفعه ... ).

ثم قال الطحاوي: وأما النظر في ذلك فقد رأينا الإحرام ينحظر به أشياء مما قد كانت كلها قبله حلالاً، منها الجماع والقبلة وقص الأظفار وحلق الشعر وقتل الصيد فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام وأحكام ذلك مختلفة.

فأما الجماع فمن أصابه في إحرامه فسد حجه، وما سوى ذلك لا يفسد إصابته الإحرام فكان الجماع أغلظ الأشياء التي يحرمها الإحرام.


(١) صحيح البخاري مع الفتح ٤/ ٢٩٥، صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٤٣٩.
(٢) الحاوي ١٥/ ٧٤.
(٣) شرح الآبي على صحيح مسلم ٥/ ٣٠٧.

<<  <   >  >>