للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم رأينا من دخلت عليه أيام العشر وهو يريد أن يضحي أن ذلك لا يمنعه من الجماع، فلما كان ذلك لا يمنعه من الجماع، وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام، كان أحرى أن لا يمنع مما دون ذلك] (١).

القول الراجح في المسألة:

الذي يغلب على ظني ـ بعد طولِ تأملٍ وتفكرٍ ـ رجحان القول الأول لقوة أدلته ويظهر ذلك فيما يلي:

أولاً: إن حديث أم سلمة خاص، وحديث عائشة عام، والخاص مقدم على العام.

قال ابن قدامة: [وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه بتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص] (٢).

وقال الشوكاني: [ولا يخفى أن حديث الباب – أي حديث أم سلمة – أخص منه

– أي من حديث عائشة - مطلقاً فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم ولكن على من أراد التضحية] (٣).

ثانياً: يجب حمل حديث عائشة على غير محل النزاع لوجوه منها:

أ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروهاً، قال الله تعالى:} وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عنه {سورة هود الآية ٨٨.

ب - ولأن أقلَّ أحوال النهي أن يكون مكروهاً، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليفعل المكروه فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره.

ج - ولأن عائشة تخبر عن فعله - صلى الله عليه وسلم -، وأم سلمة تخبر عن قوله - صلى الله عليه وسلم -، والقول يقدم على الفعل، لاحتمال أن يكون فعله خاصاً له (٤).

ثالثاً: إن ما قاله الطحاوي بأن حديث أم سلمة موقوف؛ غير صحيح، بل هو حديث مرفوع، رفعه جماعة من المحدثين، وقد رواه مسلم مرفوعاً من وجوه:


(١) شرح معاني الآثار ٤/ ١٨٢.
(٢) المغني ٩/ ٤٣٧.
(٣) نيل الأوطار ٥/ ١٢٨.
(٤) المغني ٩/ ٤٣٧. ...

<<  <   >  >>