للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك لو وقع منهم، إذ هي من الأمور الظاهرة التعبدية التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها وتبليغها لكونهم أحرص الناس على فعل الخير وإيصال ثوابه إلى الغير من موتاهم فمتى كان الأمر كذلك علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة ولا مرغب فيها، لأن عدم فعلها يعتبر من الإجماع السابق زمن الصحابة، واعتبار حكم الإجماع في محل النزاع حجة.

الثامن: إن قدماء فقهاء الحنابلة من لدن القرن الثاني الذي فيه الإمام أحمد إلى القرن الثامن الذي فيه شيخ الإسلام، لم يحفظ عن أحد منهم ولم نجد في شيء من كتبهم القول بمشروعية الأضحية عن الميت، إلى أن نسب عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول باستحبابها، ثم أخذها صاحب الإقناع والمنتهى فأدخلاها على المذهب في القرن الحادي عشر، حيث قالا: (وأضحية عن ميت أفضل منها عن حي)، وفي الإقناع: (وذبحها ولو عن ميت أفضل من الصدقة بثمنها).

التاسع: مذاهب الأئمة الثلاثة، وهم مالك والشافعي وأبو حنيفة، كلهم متفقون على عدم استحباب الأضحية عن الميت، لعدم ما يدل على مشروعيتها ... وحتى الإمام أحمد لم نجد عنه نصاً في استحباب الأضحية عن الميت

العاشر: إن الصحابة التابعين لم ينقل عنهم فعل الأضحية عن موتاهم، فقد علمنا ذلك بعدم نقله عنهم وهذه أسفار السنة على كثرتها منشورة بين الناس وهي لا تثبت عن أحد منهم فعلها

الحادي عشر: إن كل من تدبر النصوص الدينية من الكتاب والسنة وعمل الصحابة، فإنه يتبين له بطريق الجلية أن الأضحية إنما شرعت في حق من أدركه العيد من الأحياء شكراً لله عل بلوغه واتباعاً للسنة في إراقة الدم فيه لله رب العالمين، أشبه مشروعية صدقة الفطر عند عيد الفطر، لإغناء الطوافين من الفقراء والمساكين، فلو قال قائل بمشروعية صدقة الفطر عن الأموات، لعده العلماء مبتدعاً لعدم ما يدل على مشروعية ذلك، وهذا هو عين ما فهمه الصحابة من حكمة الأضحية، فكيف يمكن أن يقال بعد هذا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بالشاة عن نفسه وعن أمته ليفهم عنه جواز الأضحية عن الموتى والفعل لا

<<  <   >  >>