للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأضحية عن الميت سنة أو أن فيها فضيلة، أو أن نفعها يصل إلى موتاهم، لكانوا أحق بالسبق إليها ولو كان خيراً لسبقونا إليه.

الرابع: إن جميع الصحابة الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل ما يفعلونه لموتاهم إنما أرشدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الدعاء والصدقة وصلة الأقارب وقضاء الواجبات من حج ونذر، فهذا سعد بن عبادة قال: يا رسول الله إني أمي أفتلت نفسها ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ فقال: نعم، تصدق عن أمك. ولم يقل ضح عن أمك.

وهذا أبو طلحة وضع بيرحاء بين يدي رسول الله ... ولم يأمره أن يجعل فيها أضحية تذبح عنه بعد موته.

وهذا عمر استشار رسول الله في مصرف وقفه ... فأشار عليه رسول الله بأن يحبس أصلها ويتصدق بثمرها ... ولم يجعل له فيها أضحية.

الخامس: إن القائلين بمشروعية الأضحية عن الميت أخذاً من مفهوم أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه وعن أمته أنه فهم غير صحيح ولا مطابق للواقع، فإن هذه الأضحية وقعت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأصالة، وقد أشرك جميع أمته في ثوابها ولم يخص بذلك الأموات دون الأحياء، وهذه لا يقاس عليها لاعتبارها من خصائصه، فإن هذه الأضحية دخل في ثوابها الأحياء الموجودون من أمته وقت حياتهم، كما دخل فيها المعدمون ممن سيوجد من أمته إلى يوم القيامة، وهذا الفعل بهذه الصفة لا ينطبق على أضحية غيره ... فدلت على الاختصاص به وعدم التشريع بها والحالة هذه.

السادس: إذ لو كانت للتشريع كما يقولون، لاستحب لكل مقتدر أن يضحي عن أمة محمد الموجودين والمعدومين، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ هذا محض الأسوة به، ولم يقل بذلك أحد من العلماء فسقط الاستدلال بموجبه.

السابع: إن أهل المعرفة بالحديث متفقون على أنه لا يوجد في الأضحية عن الميت حديث صحيح ولا حسن، يدل دلالة صريحة على الأمر بها، فضلاً عن أن يكون فيها أخبار متواترة أو مستفيضة، فمتى كان الأمر بهذه الصفة امتنع حينئذ التصديق بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها وشرعها لأمته، ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة ولا التابعين، مع تكرار السنين وحرصهم على محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته وتنفيذ أوامره، والعادة تقتضي نقل

<<  <   >  >>