للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يفعلها أحد من الصحابة، فعدم فعلها يعد من الأمر المجمع عليه زمن الصحابة، واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع حجة.

وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف ... ] (١).

إذا علم هذا فإن الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ساق أدلة كثيرة على منع الأضحية عن الميت أذكر تلخيصاً لبعضها:

الأول: إن الأضحية إنما شرعت في حق الحي فأول من فعلها إبراهيم عليه السلام حيث قال الله تعالى:} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ {وهي أضحية أمر أن يذبحها يوم عيد النحر.

ثم سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمته تشريفاً لعيد الأضحى الذي سمي باسمها، وشكراً لله على بلوغه، وإدخالاً للسرور على الأهل والعيال ... وأنزل الله:} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {فالذين أمروا بصلاة العيد هم المأمورون بنحر الأضاحي وهم الأحياء، ولا علاقة لها بالأموات البتة.

وأما أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكبش عنه وعن أمته، فإن الله سبحانه وتعالى قد أثبت لنبيه الولاية التامة العامة على كافة أمته، وهي ولاية أحق وأخص من ولاية الرجل على عياله وأهل بيته ... فمن ولايته أضحيته عن أمته كما يضحي أحدنا عن عياله وأهل بيته، بل أحق.

الثاني: إنه توفي عدد من أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته، فتوفي ابنه إبراهيم وتوفي ثلاث من بناته وتوفيت زوجته خديجة ... ومع هذا كله لم يضح عنها ولا عن أحد من ابنه وبناته، ولو كانت الأضحية عن الميت من شرعه لما بخل بها عن أحبابه وأقاربه ولفعلها ولو مرة واحدة، مع العلم أنه متصف بالجود والكرم، فكان يقسم الأضاحي بين أصحابه لتعميم العمل بسنة الأضحية.

الثالث: إن الصحابة هم الذين حفظوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلغوها إلى الناس، ولم يحفظ عن أحد منهم أنه ضحى عن ميته، ولا أوصى أن يضحى عنه بعد موته، ولا وقف وقفاً له في أضحية وهم أحرص الناس على اتباع السنة وأبعدهم عن البدعة، فلو كانت


(١) الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية ص٥١ - ٥٩.

<<  <   >  >>