وأن يسألوا الله له الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه مقاماً محموداً الذي وعده. هذا هو الأمر الذي شرعه رسول الله لأمته، بخلاف إهداء ثواب القرب الدينية فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله:[لا يستحب إهداء القرب الدينية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو بدعة] قاله في الاختيارات.
فمتى كان أهل المعرفة بالحديث متفقين على أنه لا يوجد في الأضحية عن الميت حديث صحيح، يدل دلالة صريحة على الأمر بها، فضلاً عن أن يكون فيها أخبار متواترة أو مستفيضة، امتنع حينئذ التصديق بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها أو شرعها لأمته، ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة، ولا أهل بيته ولا التابعين، مع تكرار السنين وحرصهم على محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته وتنفيذ أوامره، والعادة تقتضي نقل ذلك لو وقع إذ هي من الأمور الظاهرة التعبدية التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها وتبليغها، لكونهم أحرص الناس على فعل الخير، وإيصال ثوابه إلى الغير من موتاهم، فمتى كان الأمر بهذه الصفة، علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة، ولا مرغب فيها؟ والتعبدات الشرعية مبنية على التوقيف والاتباع. لا على الاستحسان والابتداع كما قال بعض السلف: كل عبادة لم يتعبدها رسول الله ولا أصحابه، فلا تتعبدوها فإن الأول لم يترك للآخر مقالاً.
فإن قيل بم عرفتم أن الصحابة والتابعين لم يضحوا عن موتاهم؟
قيل: علمنا ذلك بعدم نقله عنهم، وهذه أسفار السنة على كثرتها لا تثبت عن أحد منهم فعلها، لا في سبيل تبرعاتهم لموتاهم ولا في أوقافهم ولا الوصايا الصادرة منهم، ومن المعلوم أن الأمور الوجودية يتناقلها الناس من بعضهم إلى بعض، حتى تشتهر وتنتشر كما نقلوا سائر السنن والمستحبات، أما الأمور العدمية التي لاوجود لفعلها، فإن الناس لا ينقلونها إلا عندما يحتاجون إلى ردها، وبيان الهدى من الضلال فيها، فلو نقل ناقل أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يحجون له أو يضحون له أو يقرأون القرآن ويهدون ثوابه إليه، لحكمنا بكذبه لعدم نقله، ولو فتح هذا الباب لاحتج كل واحد لبدعته بما يؤيدها فتفشوا البدع ويفسد الدين.
والمقصود أن الأضحية عن الميت، لم يثبت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله مشروعيتها، ولم ينقل عن رسول الله بطريق صحيح، الأمر بها لا بطريق التصريح ولا الإيماء، ولهذا