: ذكرهم اسم الله عَلَى} مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ {عند ذبحها تقرباً إلى الله، والذي يكون من حكم التأذين فيهم بالحج، حتى يأتوا مشاةً وركباناً، ويشهدوا المنافع ويتقربوا بالذبح، إنما هو الهدي خاصة دون الأضحية لإجماع العلماء على أن للمضحي: أن يذبح أضحيته في أي مكان شاءه من أقطار الدنيا، ولا يحتاج في التقرب بالأضحية، إلى إتيانهم مشاة وركباناً من كل فج عميق، فالآية ظاهرة في الهدي، دون الأضحية، وما كان القرآن أظهر فيه وجب تقديمه على غيره. أما الاحتجاج بحديث عائشة المتفق عليه (أنه ضحى ببقر عن نسائه يوم النحر صلوات الله وسلامه عليه) فلا تنهض به الحجة، لكثرة الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنهن متمتعات، وأن ذلك البقر هدي واجب، وهو هدي التمتع المنصوص عليه في القرآن وأن عائشة منهن قارنة، والبقرة التي ذبحت عنها، هدي قران، سواء قلنا إنها استقلت بذبح بقرة عنها وحدها، كما قدمناه في بعض الروايات
الصحيحة، أو كان بالاشتراك مع غيرها في بقرة، كما قال به بعضهم، وأكثر الروايات ليس فيها لفظ (ضحى) بل فيها (أهدى) وفيها (ذبح عن نسائه) وفيها (نحر عن نسائه) فلفظ (ضحى) من تصرف بعض الرواة للجزم بأن ما ذبح عنهن من البقر يوم النحر بمنى هدي تمتع بالنسبة لغير عائشة وهدي قران بالنسبة إليها، كما هو معلوم بالأحاديث الصحيحة، التي لا نزاع فيها، وبهذا الذي ذكرنا تعلم أن ظاهر القرآن مع مالك، والحديث ليس فيه حجة عليه.
وقال ابن حجر في فتح الباري في باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن بعد ذكره رواية:(ضحى) المذكورة ما نصه: والظاهر أن التصرف من الرواة، لأنه في الحديث ذكر النحر، فحمله بعضهم على الأضحية فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك، كان عمن اعتمر من نسائه فقويت رواية من رواه بلفظ (أهدى) وتبين أنه هدي التمتع فليس فيه حجة على مالك في قوله: لا ضحايا على أهل منى. أهـ محل الغرض من فتح الباري، وهو واضح فيما ذكرنا، والعلم عند الله تعالى] (١).