للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ)

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - فِي فَرْضِ الصَّوْمِ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ عِدَّةً فَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا فِيهَا مَرْضَى وَمُسَافِرِينَ وَيُحْصُوا حَتَّى يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمْ الْيُسْرَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرْضَى وَلَا مُسَافِرِينَ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِمْ عَدَدًا إذَا مَضَى الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى الرُّخْصَةِ إنْ شَاءُوا لِئَلَّا يُحْرَجُوا إنْ فَعَلُوا وَكَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ وَالْأَمْرُ بِالْفِطْرِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ إنَّمَا أُنْزِلَتْ مُتَتَابِعَةً لَا مُتَفَرِّقَةً.

وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَتَانِ فِي السُّورَةِ مُفْتَرِقَتَيْنِ فَأَمَّا آيَةٌ فَلَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهَا كَلَامٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ يُسْتَأْنَفُ بَعْدَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا كَمَا وَصَفْت أَنَّ آيَةً لَمْ تَنْزِلْ إلَّا مَعًا لَا مُفْتَرِقَةً فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى أَنْ أَمَرَ اللَّهُ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ بِالْفِطْرِ إرْخَاصًا لَهُمَا لِئَلَّا يُحْرَجَا إنْ فَعَلَا لِأَنَّهُمَا يَجْزِيهِمَا أَنْ يَصُومَا فِي تَيْنِك الْحَالَيْنِ شَهْرَ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ لَوْ كَانَ غَيْرَ رُخْصَةٍ لِمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فِيهِ لَمْ يَصُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ» وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ زَمَانَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَرَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى إذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قَالُوا رَجُلٌ صَائِمٌ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ: «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ «النَّبِيَّ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ، وَقَالَ تَقَوَّوْا لِلْعَدُوِّ وَصَامَ النَّبِيُّ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَرْجِ يُصَبُّ فَوْقَ رَأْسِهِ الْمَاءُ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ».

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ وَصَامَ بَعْضُهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا، فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ».

وَفِي حَدِيثِ الثِّقَةِ غَيْرِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ «فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ إلَى مَكَّةَ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَقَالَ: تَقَوَّوْا بِعَدَدِكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ أَبَوْا أَنْ يُفْطِرُوا حِينَ صُمْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ» أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

<<  <   >  >>