إيجَابُ الْغُسْلِ لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْغُسْلَ إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ قَالَ فَمَاذَا الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ؟ قُلْت إذَا صَارَ الْخِتَانُ حَذْوَ الْخِتَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَاسَّا قَالَ فَيُقَالُ لِهَذَا الْتِقَاءٌ؟ قُلْت نَعَمْ أَرَأَيْت إذَا قِيلَ الْتَقَى الْفَارِسَانِ أَلَيْسَ إنَّمَا يَعْنِي إذَا تَوَاقَفَا فَصَارَ أَحَدُهُمَا وَجَاءَ الْآخَرُ أَوْ اخْتَلَفَتْ دَوَابُّهُمَا فَصَارَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ وَجَاءَ صَاحِبُهُ، وَيُقَالُ إذَا جَاوَزَ بَدَنُ أَحَدِهِمَا بَدَنَ صَاحِبِهِ قَدْ خَلَفَ الْفَارِسُ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت، وَيُقَالُ إذَا تَمَاسَّا الْتَقَيَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ اللِّقَاءِ وَبَعْضُ اللِّقَاءِ أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ قَالَ: إنَّ النَّاسَ لَيَقُولُونَهُ قُلْتُ وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ جَائِزٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَذَا أَنْ تَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ حَتَّى يَصِيرَ الْخِتَانُ الَّذِي خَلْفَ الْحَشَفَةِ حَذْوَ خِتَانِ الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا يَجْهَلُ هَذَا مِنْ جَهِلَ لِسَانَ الْعَرَبِ.
(بَابُ التَّيَمُّمِ)
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ انْحَلَّ عِقْدٌ لِعَائِشَةَ فَأَقَامَ النَّاسُ عَلَى الْتِمَاسِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي وَغَيْرُهُمْ.
أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْتِمَاسِهِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ قَالَ «فَتَيَمَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْمَنَاكِبِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَعْلَمُ بِنَصِّ خَبَرٍ كَيْفَ تَيَمَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَنَاكِبِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُ عَمَّارٍ إلَى الْمَنَاكِبِ إلَّا بِأَمْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ التَّنْزِيلِ كَانَ مَنْسُوخًا لِأَنَّ عَمَّارًا أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ تَيَمُّمٍ كَانَ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَكُلُّ التَّيَمُّمِ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ مُخَالِفَةً فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ الصِّمَّةِ قَالَ «مَرَرْت بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَبُولُ فَمَسَحَ بِجُدْرَانٍ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَابْنُ الصِّمَّةِ وَبَنُو الصِّمَّةِ مَعْرُوفُونَ بَدْرِيُّونَ وأحديون وَأَهْلُ غَنَاءٍ فِي الْإِسْلَامِ وَمَكَانٍ مِنْهُ وَالْأَعْرَجُ وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ ثِقَةٌ وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ الصِّمَّةِ مُخَالِفًا حَدِيثَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ غَيْرَ بَيِّنٍ أَنَّهُ نَسَخَهُ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ الصِّمَّةِ أَوْلَاهُمَا أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ لِأَنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَمَرَ فِي الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ ذَكَرَ ثُمَّ التَّيَمُّمُ فَعَفَا - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - عَنْ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَأَمَرَ بِأَنَّهُ تَيَمُّمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَكَانَ اسْمُ الْيَدَيْنِ يَقَعُ عَلَى الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَعَلَى الذِّرَاعِ وَالْمِرْفَقَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ مَعْنًى أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ فِي الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْبَدَلُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَلَى مَا يُؤْتَى بِهِ فِي الْمُبْدَلِ عَنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَرُوِيَ عَنْ «عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُيَمِّمَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» قَالَ فَلَا يَجُوزُ عَلَى عَمَّارٍ إذَا كَانَ ذَكَرَ تَيَمُّمَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ إلَى الْمَنَاكِبِ إنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ إلَّا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُ إذْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَوْ يَكُونُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا تَيَمُّمًا وَاحِدًا فَاخْتَلَفَتْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ فَتَكُونُ رِوَايَةُ ابْنِ الصِّمَّةِ الَّتِي لَمْ تَخْتَلِفْ أَثْبَتُ فَإِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ فَأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوْفَقُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رَوَيْنَا مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ يَكُونُ إنَّمَا سَمِعَ آيَةَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ فَتَيَمَّمُوا وَاحْتَاطُوا فَأَتَوْا عَلَى غَايَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْيَدِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ كَمَا لَا يَضُرُّهُمْ لَوْ فَعَلُوهُ فِي الْوُضُوءِ فَلَمَّا صَارُوا إلَى مَسْأَلَةِ النَّبِيِّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُجْزِيهِمْ مِنْ التَّيَمُّمِ أَقَلُّ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute