للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى الْمُدَّعِي وَبَيْعُ الْعَرَايَا وَالْمُزَابَنَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا كَثُرَ مِمَّا أَسْمَعُك تَذْهَبُ فِيهِ إلَى الطَّرِيقِ الَّتِي أَرَى أَنْ تَقْلِبَهَا عَنْ طَرِيقِ النَّصِّ بِأَنَّهَا تُضَادُّ انْتِشَارَ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَكِنَّك تَذْهَبُ فِيهَا إلَى الِاسْتِتَارِ مِنْ كَثْرَةِ خِلَافِ الْحَدِيثِ عِنْدَ مَنْ لَعَلَّهُ لَا يُبْصِرُ فِي أَنْ قَالَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَعِيبُ عَلَيْك خِلَافَ الْحَدِيثِ.

بَابُ الْمُصَرَّاةِ (الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خَفَّافٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَحْسِبُ بَلْ لَا أَشُكُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ مُسْلِمًا نَصَّ الْحَدِيثَ فَذَكَرَ «أَنَّ رَجُلًا ابْتَاعَ عَبْدًا فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَقَضَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْمُقْضَى عَلَيْهِ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ «رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحَدِيثُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ وَاحِدٌ وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِيمَا اجْتَمَعَ فِيهِ مَعْنَاهُمَا وَفِي حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ شَيْءٌ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ مُبْتَاعَ الشَّاةِ أَوْ النَّاقَةِ الْمُصَرَّاةِ مُبْتَاعٌ لِشَاةٍ أَوْ نَاقَةٍ فِيهَا لَبَنٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ غَيْرُهُمَا كَالثَّمَرِ فِي النَّخْلَةِ الَّذِي إذَا شَاءَ قَطَعَهُ وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ إذَا شَاءَ حَلَبَهُ وَاللَّبَنُ مَبِيعٌ مَعَ الشَّاةِ وَهُوَ سِوَاهَا وَكَانَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِذَا حَلَبَهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ كَثُرَ اللَّبَنُ أَوْ قَلَّ كَانَ قِيمَتَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ وَقَّتَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ أَلْبَانَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مُخْتَلِفَةُ الْكَثْرَةِ وَالْأَثْمَانِ وَأَنَّ أَلْبَانَ كُلِّ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا.

(قَالَ): فَإِنْ رَضِيَ الَّذِي ابْتَاعَ الْمُصَرَّاةَ أَنْ يُمْسِكَهَا بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ ثُمَّ حَلَبَهَا زَمَانًا ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ غَيْرِ التَّصْرِيَةِ فَإِنْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ رَدَّهَا وَلَا يَرُدُّ اللَّبَنَ الَّذِي حَلَبَهُ بَعْدَ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا كَانَ حَادِثًا فِي مِلْكِ الْمُبْتَاعِ كَمَا حَدَثَ الْخَرَاجُ فِي مِلْكِهِ وَيَرُدُّ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لِلَبَنِ التَّصْرِيَةِ فَقَطْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ابْتَاعَ الْعَبْدَ فَإِنَّمَا ابْتَاعَهُ بِعَيْنِهِ وَمَا حَدَثَ لَهُ فِي يَدِهِ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ خَرَاجٍ أَوْ مَالٍ أَفَادَهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي مِلْكِهِ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ فَهُوَ كَلَبَنِ الشَّاةِ الْحَادِثِ بَعْدَ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهَا لَا يَخْتَلِفُ وَكَذَلِكَ نِتَاجُ الْمَاشِيَةِ يَشْتَرِيهَا فَتُنْتِجُ ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ فَيَرُدُّهَا دُونَ النِّتَاجِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ لَهَا أَصْوَافًا أَوْ شُعُورًا أَوْ أَوْبَارًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ لِلْحَائِطِ ثَمَرًا إذَا كَانَتْ يَوْمَ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا يَوْمَ أَخْذِهَا أَوْ أَفْضَلَ وَهَكَذَا وَطْءُ الْأَمَةِ الثَّيِّبِ قَدْ دُلِّسَ لَهُ فِيهَا بِعَيْبٍ يَرُدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَطْءِ وَالْخَرَاجُ وَالْخِدْمَةُ لَيْسَا بِأَكْثَرَ مِمَّا وَصَفْت مِنْ وَطْءِ ثَيِّبٍ لَا يُنْقِصُهَا الْوَطْءُ وَأَخْذُ ثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَنِتَاجٍ إذَا لَمْ يَنْقُصْ الشَّجَرُ وَالْأُمَّهَاتُ وَكَذَلِكَ كِرَاءُ الدَّارِ يَبْتَاعُهَا فَيَسْتَغِلُّهَا ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ يَكُونُ لَهُ الْكِرَاءُ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ الَّذِي يَكُونُ لَهُ بِهِ الْكِرَاءُ ضَمَانٌ يَحِلُّ لَهُ بِالْبَيْعِ بِكُلِّ حَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ دُلِّسَ لَهُ فِيهِ بِعَيْبٍ مِمَّا وَصَفْت أَنْ يُمْسِكَهُ بِعَيْبِهِ وَيَمُوتَ وَيَهْلَكَ فَيَهْلَكُ مِنْ مَالِهِ وَيُعْتِقُ الْمَمَالِيكَ فَيَقَعُ عَلَيْهِمْ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ تَامُّ الْمِلْكِ جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِيَارًا فِيمَا دُلِّسَ لَهُ بِهِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِذَا جَعَلَ لَهُ إنْ شَاءَ رَدَّهُ فَقَدْ جَعَلَ لَهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهُ فَقَدْ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ فِي الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ، فَقَالَ «إنْ رَضِيَهَا فَأَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» مَعَ إبَانَتِهِ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا

<<  <   >  >>