فَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الشِّرْكِ وَخَالَفَ بَيْنَهُمْ فِي الْقِتَالِ عَلَى الشِّرْكِ فَقَالَ أَوْ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ مَا فِي هَذَا مَا أَنْكَرَهُ عَالِمٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قُلْت لَهُ: لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْمَذْهَبَ أَحَدٌ لَهُ عِلْمٌ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ السُّنَّةِ قَالَ وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْت السُّنَّةُ لَا تَكُونُ أَبَدًا إلَّا تَبَعًا لِلْقُرْآنِ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ وَلَا تُخَالِفُهُ فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ نَصًّا فَهِيَ مِثْلُهُ وَإِذَا كَانَ جُمْلَةً أَبَانَتْ مَا أُرِيدَ بِالْجُمْلَةِ ثُمَّ لَا تَكُونُ إلَّا وَالْقُرْآنُ مُحْتَمِلٌ مَا أَبَانَتْ السُّنَّةُ مِنْهُ قَالَ أَجَلْ قُلْت فَمَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ خَرَجَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا مِنْ الْكِتَابِ إلَى غَيْرِ كِتَابٍ وَمِنْ السُّنَّةِ إلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَذَهَبَ فِي الْمَجُوسِ إلَى أَمْرٍ جَهِلَهُ فَقَالَ فِيهِمْ بِالْجَهَالَةِ قَالَ إنَّهُ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ فِي أَنْ لَا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ قُلْت لَا وَلَا ذَبَائِحُ نَصَارَى الْعَرَبِ وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ كَمَا وَصَفْت بِأَنْ يَجْتَمِعُوا فِي جُمْلَةِ مَنْ أُوتَى الْكِتَابَ وَاَلَّذِينَ أَمَرَ بِنِكَاحِ نِسَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ دُونَ غَيْرِهِمْ.
(بَابٌ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْت الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَمَرَرْت بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْت فَأَرْسَلَتْ حِمَارِي يَرْتَعُ وَدَخَلْت فِي الصَّفِّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ».
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ بَعْدُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفًا، وَهُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُؤَدَّاةِ لَمْ يَتَقَصَّ الْمُؤَدِّي لَهَا أَسْبَابَهَا وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضٍ «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُصَلِّي أَنْ يَسْتَتِرَ بِالدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ» اخْتِيَارًا لَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَا أَنَّ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سُتْرَةٌ» وَهَذِهِ صَلَاةُ انْفِرَادٍ لَا جَمَاعَةٍ وَصَلَّى بِالنَّاسِ بِمِنًى صَلَاةَ جَمَاعَةٍ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَى غَيْرِ جِدَارٍ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَفْسُدُ بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يُصَلِّ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَلَا أَحَدَ وَرَاءَهُ يَعْلَمُهُ وَقَدْ «مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَتَانٍ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الَّذِي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» وَهَكَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَمْرُهُ بِالْخَطِّ فِي الصَّحْرَاءِ اخْتِيَارًا وَقَوْلُهُ لَا يُفْسِدُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ أَنْ يَلْهُوَ بِبَعْضِ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَصِيرُ إلَى أَنْ يُحْدِثَ مَا يُفْسِدُهَا لِمُرُورِ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا يُكْرَهُ لِلْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَعَلَّ تَشْدِيدَهُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى تَرْكِهِمْ نَهْيَهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَمُرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ وَلَوْ كَانَ يَقْطَعُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ مَا أَبَاحَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاةَ مُسْلِمٍ وَهَكَذَا مِنْ مَعْنَى مُرُورِ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّي وَالنَّاسُ فِي الطَّوَافِ وَمِنْ مُرُورِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ بِمِنًى لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي الْمُسْتَتِرِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي الَّذِي لَا يَسْتَتِرُ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُسْتَتِرِ إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيُقَاتِلْهُ» يَعْنِي فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَفَدَ رُوِيَ أَنَّ مُرُورَ الْكَلْبِ وَالْحِمَارِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُصَلِّي إذَا مَرَّا بَيْنَ يَدَيْهِ قِيلَ لَا يَجُوزُ إذَا رُوِيَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» وَكَانَ مُخَالِفًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَثْبَتَ مِنْهُ وَمَعَهَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنْ يُتْرَكَ إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute