يَذُوقَ عُسَيْلَتَك وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَنَادَى يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَسْمَعُ مَا تَجْهَرُ بِهِ هَذِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -»؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رِفَاعَةُ بَتَّ طَلَاقَهَا فِي مَرَّاتٍ قُلْت ظَاهِرُهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَبَتَّ إنَّمَا هِيَ ثَلَاثٌ إذَا احْتَمَلَتْ ثَلَاثًا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» وَلَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ حَسَبَتْ طَلَاقَهَا بِوَاحِدَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى رِفَاعَةَ بِلَا زَوْجٍ فَإِنْ قِيلَ أَطَلَّقَ أَحَدٌ ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ؟ قِيلَ: نَعَمْ «عُوَيْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ النَّبِيُّ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِاللِّعَانِ فَلَمْ أَعْلَمْ النَّبِيَّ نَهَاهُ» «وَفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ تَحْكِي لِلنَّبِيِّ أَنَّ زَوْجَهَا بَتَّ طَلَاقَهَا تَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ النَّبِيُّ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» لِأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَعْلَمْهُ عَابَ طَلَاقَ ثَلَاثٍ مَعًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمَّا كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي رِفَاعَةَ مُوَافِقًا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَكَانَ ثَابِتًا كَانَ أَوْلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِيهِ جِدًّا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ لَهُ مُخَالِفًا كَانَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ يَكُونُ نَاسِخًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِيهِ جِدًّا.
بَابُ طَلَاقِ الْحَائِضِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَيْمَنَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ فَقَالَ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ فَقَالَ «طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ فَقَالَ النَّبِيُّ لِيَرْتَجِعْهَا فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا، فَقَالَ إذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ يُمْسِكْ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».
أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا إلَى نَافِعٍ يَسْأَلُونَهُ هَلْ حُسِبَتْ تَطْلِيقَةُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ» دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ رَاجِعِ إلَّا مَا قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ وَإِنَّ مَعْرُوفًا فِي اللِّسَانِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ رَاجِعِ امْرَأَتَك إذَا افْتَرَقَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ شَبِيهٌ بِهِ وَنَافِعٌ أَثْبَتُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَالْأَثْبَتُ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهِ إذَا خَالَفَهُ وَقَدْ وَافَقَ نَافِعًا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّثْبِيتِ فِي الْحَدِيثِ فَقِيلَ لَهُ: أَحَسِبْت تَطْلِيقَةَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ تَطْلِيقَةً؟ فَقَالَ: فَمَهْ أَوْ إنْ عَجَزَ يَعْنِي أَنَّهَا حُسِبَتْ قَالَ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُحْسَبُ قَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} لَمْ يَخُصَّ طَلَاقًا دُونَ طَلَاقٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا وَافَقَ ظَاهِرَ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْحَدِيثِ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَعَ أَنَّ اللَّهَ إذَا مَلَّكَ الْأَزْوَاجَ الطَّلَاقَ وَجَعَلَهُ إحْدَاثَ تَحْرِيمِ الْأَزْوَاجِ بَعْدَ أَنْ كُنَّ حَلَالًا وَأُمِرُوا أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ فِي الطُّهْرِ فَطَلَّقَ رَجُلٌ فِي خِلَافِ الطُّهْرِ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ إنْ كَانَ عَالِمًا تَطْرَحُ عَنْهُ التَّحْرِيمَ ثُمَّ إذَا حُرِّمَتْ بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ مُطِيعٌ فِي وَقْتِهِ كَانَتْ حَرَامًا بِالطَّلَاقِ إذَا كَانَ عَاصِيًا فِي تَرْكِهِ الطَّلَاقَ فِي الطُّهْرِ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَزِيدُ الزَّوْجَ خَيْرًا إنْ لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ لِقَوْلِهِ فَلَمْ تُحْسَبْ شَيْئًا وَجْهٌ؟ قِيلَ لَهُ الظَّاهِرُ فَلَمْ تُحْسَبْ تَطْلِيقَةً وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لَمْ تُحْسَبْ شَيْئًا صَوَابًا غَيْرَ خَطَأٍ يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ أَنْ لَا يُقِيمَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْمُرَاجَعَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا الَّذِي طَلَّقَ طَاهِرًا امْرَأَتَهُ كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَخْطَأَ فِي جَوَابٍ أَجَابَ بِهِ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا صَوَابًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute