للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَفْتَرِقُ فِيهِمَا بِمَا قُلْنَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَاصَّ الْعِلْمِ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ الْقَلِيلِ وَقَلَّمَا يَعُمُّ عِلْمُ الْخَاصِّ، وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ النَّبِيِّ فِي الصَّلَاةِ جَالِسًا وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ وَجُلُوسٌ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رَوَى سَلَمَةُ بْنُ وَهْرَام عَنْ طَاوُسٍ " حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُكْرِمَ قِبْلَةَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ " قِيلَ لَهُ هَذَا مُرْسَلٌ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ كَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ مُسْنَدٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مِنْهُ لَوْ خَالَفَهُ فَإِنْ كَانَ قَالَ طَاوُسٌ " حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُكْرِمَ قِبْلَةَ اللَّهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا " فَإِنَّمَا سَمِعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ فَأَنْزَلَ ذَلِكَ عَلَى إكْرَامِ الْقِبْلَةِ، وَهِيَ أَهْلٌ أَنْ تُكْرَمَ وَالْحَالُ فِي الصَّحَارِي كَمَا حَدَّثَ أَبُو أَيُّوبَ وَفِي الْبُيُوتِ كَمَا حَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ لَا أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قِيلَ إنَّ النَّاسَ كَانُوا يَبْنُونَ مَسَاجِدَ بِحَطِّ حِجَارَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَنَهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ لِلْغَائِطِ أَوْ الْبَوْلِ فَيَكُونَ نَهْيُهُ فِي الْمَسَاجِدِ أَوْ مُسْتَدْبِرًا فَيَكُونَ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ بِعَيْنِ الْمُصَلِّي إلَيْهَا وَيَتَأَذَّى بِرِيحِهِ وَهَذَا فِي الصَّحَارِي مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ» وَذَلِكَ أَنْ يَتَغَوَّطَ فِي مَمَرِّ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ مِنْ ظِلَالِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْبُيُوتِ وَالشَّجَرِ وَالْحِجَارَةِ وَعَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ وَمَوَاضِعِ حَاجَةِ النَّاسِ فِي الْمَمَرِّ وَالْمَنْزِلِ.

بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِ الْمَرْءِ مِنْهُ شَيْءٌ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَرَوَى بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ الرَّجُلَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَنْ يَشْتَمِلَ بِالثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ ضَاقَ اتَّزَرَ بِهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا إجَازَةُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ يَقْدِرُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى ثَوْبِ امْرَأَتِهِ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَالشَّيْءِ يَطْرَحُهُ عَلَى عَاتِقِهِ.

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ «عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ بَعْضُهُ عَلَيَّ وَبَعْضُهُ عَلَيْهِ وَأَنَا حَائِضٌ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُخَالِفًا لِلْآخَرِ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اخْتِيَارٌ لَا فَرْضٌ بِالدَّلَالَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَّهُ صَلَّى فِي مِرْطِ مَيْمُونَةَ بَعْضُهُ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ عَلَى مَيْمُونَةَ لِأَنَّ بَعْضَ مِرْطِهَا إذَا كَانَ عَلَيْهَا فَأَقَلُّ مَا عَلَيْهَا مِنْهُ مَا يَسْتُرُهَا مُضْطَجِعَةً وَيُصَلِّي النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي بَعْضِهِ قَائِمًا وَيَتَعَطَّلُ بَعْضُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ يَسْتُرُهَا قَاعِدَةً فَيَكُونُ يُحِيطُ بِهَا جَالِسَةً وَيَتَعَطَّلُ بَعْضُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتُرَهُ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَأْتَزِرَ بِهِ ائتزارا وَلَيْسَ عَلَى عَاتِقِ المؤتزرين فِي هَذِهِ الْحَالِ مِنْ الْإِزَارِ شَيْءٌ وَلَا يُمْكِنُ فِي ثَوْبِ دَهْرِنَا أَنْ يَأْتَزِرَ بِهِ ثُمَّ يَرُدَّهُ عَلَى عَاتِقَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَسْتُرَهَا وَقَلَّمَا يُمْكِنُ هَذَا فِي ثَوْبٍ فِي الدُّنْيَا الْيَوْمَ.

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَلْيَتَوَشَّحْ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ فليأتزر بِهِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ فِيمَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَعَوْرَتُهُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَلَيْسَتْ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ مِنْ الْعَوْرَةِ.

بَابُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا وَهُوَ فِي

<<  <   >  >>