للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ أَثْبَتُ أَمْ الْحَدِيثُ فِي أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ فَقَدْ تَرَكْت الْحَدِيثَ الثَّابِتَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقُلْت لَهُ فَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْمُسْتَأْمَنَ عِلَّةٌ فَكَيْفَ لَمْ تَقْتُلْهُ بِالْمُسْتَأْمَنِ مَعَهُ ابْنٌ لَهُ وَلَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرُهُ يَطْلُبُ الْقَوَدَ قَالَ: هَذَا حَرْبِيٌّ قُلْت: وَهَلْ كَانَ الذِّمِّيُّ إلَّا حَرْبِيًّا فَأَعْطَى الْجِزْيَةَ فَحُرِّمَ دَمُهُ وَكَانَ هَذَا حَرْبِيًّا فَطَلَبَ الْأَمَانَ فَحُرِّمَ دَمُهُ؟ قَالَ: آخَرُ مِنْهُمْ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الْآيَةَ قُلْت لَهُ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ هَذَا الْحُكْمَ أَفَحُكْمٌ هُوَ بَيْنَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت أَفَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقْتُلُ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ أَيُقْتَلُ بِهِمَا؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ جَرَحَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ جِرَاحَاتٍ فِيهَا الْقِصَاصُ؟ قَالَ: لَا يُقَادُ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قُلْت فَأَخْبَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّ حُكْمَهُ حَيْثُ حَكَمَ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الْآيَةَ فَعُطِّلَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَحُكْمًا جَامِعًا أَكْثَرَ مِنْهَا وَالْجُرُوحُ قِصَاصٌ فَزَعَمْت أَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْهُ فِي جُرْحٍ وَزَعَمْت أَنَّهُ يَقْتُلُ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمَا تُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَكْثَرَ مِمَّا وَافَقْتهَا فِيهِ إنَّمَا وَافَقْتهَا فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ خَالَفْت فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ ابْنَهُ وَعَبْدَهُ وَالْمُسْتَأْمَنَ وَلَمْ تَجْعَلْ مِنْ هَذِهِ نَفْسًا بِنَفْسٍ وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ لَا تُرَاك تَحْتَجُّ بِشَيْءٍ إلَّا تَرَكْته أَوْ تَرَكْت مِنْهُ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ قَالَ: فَكَيْفَ يُقْتَصُّ لِعَبْدٍ مِنْ حُرٍّ وَامْرَأَةٍ مِنْ رَجُلٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَعَقْلُهُمَا أَقَلُّ مِنْ عَقْلِهِ؟ قُلْت أَوْ تَجْعَلُ الْعَقْلَ دَلِيلًا عَلَى الْقِصَاصِ فَإِذَا اسْتَوَى اقْتَصَصْت وَإِذَا اخْتَلَفَ لَمْ تَقْتَصَّ؟ قَالَ: فَأَبِنْ فَقُلْت: فَقَدْ يُقْتَلُ الْحُرُّ دِيَتُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ أَلْفُ دِينَارٍ عِنْدَك بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَامْرَأَةٍ دِيَتُهَا خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ قَالَ: لَيْسَ الْقَوَدُ مِنْ الْعَقْلِ بِسَبِيلٍ قُلْت: فَكَيْفَ احْتَجَجْت بِهِ؟ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ إنِّي قَتَلْت الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» قُلْت: أَفَكَانَ هَذَا عِنْدَك فِي الْقَوَدِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت فَهَذَا عَلَيْك أَوْ رَأَيْت إنْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُسْلِمِينَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» أَمَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِمَاءَ الْكُفَّارِ لَا تَتَكَافَأُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ قَائِلٌ قُلْنَا هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُؤْمِنَ يُقْتَلُ خَطَأً فَجَعَلَ فِيهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَكَفَّارَةٌ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُعَاهَدِ قُلْت أَفَرَأَيْت الْمُسْتَأْمَنَ فِيهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَكَفَّارَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَلِمَ لَمْ تَقْتُلْ بِهِ مُسْلِمًا قَتَلَهُ.

بَابُ جَرْحِ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا لِقَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا». أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ نَاقَةَ الْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَخَذْنَا بِهِ لِثُبُوتِهِ بِاتِّصَالِهِ وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ قَالَ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثَ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» وَلَكِنْ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» جُمْلَةٌ مِنْ الْكَلَامِ الْعَامِّ الْمُخْرَجِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ فَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَفْسَدَتْ الْعَجْمَاءُ بِشَيْءٍ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَتْ الْعَجْمَاءُ مِنْ جُرْحٍ وَغَيْرِهِ فِي حَالٍ جُبَارٌ وَفِي حَالٍ غَيْرُ جُبَارٍ قَالَ:

<<  <   >  >>