الْخَامِسَةَ قُتِلَ» ثُمَّ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجُلٍ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَتَى بِهِ الْخَامِسَةَ فَحَدَّهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ نَسْخُهُ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلُهَا وَنَسَخَهُ مُرْسَلًا. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ فِي هَذَا حُجَّةٌ غَيْرُ مَا وَصَفْت؟ قِيلَ نَعَمْ. أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إلَّا مِنْ إحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَشُكُّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي ثُبُوتِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى خَاصٍّ وَيَكُونُ مَنْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ فَنَقْتُلُهُ بِنَصِّ أَمْرِهِ فَلَا يَكُونَانِ مُتَضَادَّيْنِ وَلَا أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلْآخَرِ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلْآخَرِ قِيلَ لَهُ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْفُتْيَا يُخَالِفُ فِي أَنَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي شَيْءٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ خَامِسَةٌ أَوْ سَادِسَةٌ أُقِيمَ ذَلِكَ الْحَدُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْتَلْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ إنْ كَانَ ثَابِتًا فَهُوَ مَنْسُوخٌ مَعَ أَنَّ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ بِمَا وَصَفْت بَيِّنَةٌ فَإِنْ قَالَ وَأَيْنَ دَلَالَةُ الْقُرْآنِ؟ قِيلَ إذَا كَانَ اللَّهُ وَضَعَ الْقَتْلَ مَوْضِعًا وَالْجَلْدَ مَوْضِعًا فَلَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يُوضَعَ الْقَتْلُ مَوْضِعَ الْجَلْدِ إلَّا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا نَاسِخَ.
بَابُ لُحُومِ الضَّحَايَا
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا». حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ صَدَقَ سَمِعْت عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «ادَّخِرُوا لِثَلَاثٍ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ يُجْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا ذَاكَ؟ أَوْ كَمَا قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَهَيْت عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا».
(قَالَ): فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ إذْ كَانَ الدَّافَّةُ عَلَى مَعْنَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى مَعْنَى الْفَرْضِ وَإِنَّمَا قُلْت يُشْبِهُ الِاخْتِيَارَ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي الْبُدْنِ {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْبُدْنِ الَّتِي يَتَطَوَّعُ بِهَا أَصْحَابُهَا لَا الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بِهَا وَإِنَّمَا أَكَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَدْيِهِ أَنَّهُ كَانَ تَطَوُّعًا فَأَمَّا مَا وَجَبَ مِنْ الْهَدْيِ كُلِّهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ زَكَاتِهِ وَلَا مِنْ كَفَّارَتِهِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ وَأُحِبُّ لِمَنْ أَهْدَى نَافِلَةً أَنْ يُطْعِمَ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ لِقَوْلِ اللَّهِ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} وَقَوْلِهِ: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْقَانِعُ هُوَ السَّائِلُ وَالْمُعْتَرُّ الزَّائِرُ وَالْمَارُّ بِلَا وَقْتٍ فَإِذَا أَطْعَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ مِنْ الْمُطْعِمِينَ فَأَحَبُّ إلَيَّ مَا أَكْثَرَ أَنْ يُطْعِمَ ثُلُثًا وَيُهْدِيَ ثُلُثًا وَيَدَّخِرَ ثُلُثًا وَيَهْبِطَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَالضَّحَايَا مِنْ هَذِهِ السَّبِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحِبُّ إنْ كَانَتْ فِي النَّاسِ مَخْمَصَةٌ أَنْ لَا يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَلَا مِنْ هَدْيِهِ أَكْثَرَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute