للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ». حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ «سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَدْ أَخْرَجَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ يَقُولُ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَهَا نِسَاؤُهُمْ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ إنِّي صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ».

أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ: كَانَ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَرِهَهُ فَلْيَدَعْهُ». أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ «مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى صِيَامَهُ فَضَّلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ شَيْءٌ مُخْتَلِفٌ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا شَيْئًا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ مِمَّا وَصَفْتُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا الْمُحَدِّثُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَيَأْمُرُنَا بِصِيَامِهِ» لَوْ انْفَرَدَ كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّ عَاشُورَاءَ كَانَ فَرْضًا وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ صَامَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَا يَحْتَمِلُ قَوْلُ عَائِشَةَ تَرْكَ عَاشُورَاءَ مَعْنًى يَصِحُّ إلَّا تَرْكَ إيجَابِ صَوْمِهِ إذْ عَلِمْنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمَفْرُوضُ صَوْمُهُ وَأَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَتَرَكَ إيجَابَ صَوْمِهِ وَهُوَ أَوْلَى الْأُمُورِ عِنْدَنَا لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ «أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَلَى النَّاسِ» وَلَعَلَّ عَائِشَةَ إنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ إلَى أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ قَالَتْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ رَأَتْ النَّبِيَّ لَمَّا صَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا ثُمَّ نَسْخُهُ تَرْكُ أَمْرِهِ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَدَعَ صَوْمَهُ وَلَا أَحْسِبُهَا ذَهَبَتْ إلَى هَذَا وَلَا ذَهَبَتْ إلَّا إلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مُوَافِقٌ الْقُرْآنَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّوْمَ فَأَبَانَ أَنَّهُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَدَلَّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مِثْلِ مَعْنَى الْقُرْآنِ بِأَنْ لَا فَرْضَ فِي الصَّوْمِ إلَّا رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ «مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَامَ يَوْمَهُ يَتَحَرَّى فَضْلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ» كَأَنَّهُ يَذْهَبُ يَتَحَرَّى فَضْلَهُ فِي التَّطَوُّعِ بِصَوْمِهِ.

بَابُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وَقَالَ فِي الطَّهَارَةِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ كُلِّهِ.

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ

<<  <   >  >>