وَالدُّخُولِ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْبِكْرِ إلَّا بِإِذْنِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُزَوَّجَ حَتَّى يَكُونَ لَهَا أَمْرٌ فِي نَفْسِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْلُودِ يُقْتَلُ أَبُوهُ يُحْبَسُ قَاتِلُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ فَيَعْفُوَ أَوْ يُصَالِحَ أَوْ يَقْتُلَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَمْرِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ لَا أَمْرَ لَهُ فَوَقَفْنَا قَتْلَ قَاتِلِ أَبِيهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ أَمْرٌ فَقُلْنَا إذَا زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ بَالِغًا أَوْ صَغِيرَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْمِرْهَا فَإِنْ قِيلَ فَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ " تُسْتَأْمَرُ " عَلَى مَا قُلْت قِيلَ مَا وَصَفْت مِنْ نِكَاحِهِ عَائِشَةَ وَهِيَ لَا أَمْرَ لَهَا وَدُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا وَهِيَ مِمَّنْ لَا أَمْرَ لَهَا إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا، وَإِنْكَاحُ الْآبَاءِ الصِّغَارَ قَدِيمًا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهِنَّ فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مِنْ دَلَالَةٍ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قُلْت: نَعَمْ. قَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لِأَحَدٍ مَعَ نَبِيِّنَا أَمْرًا بَلْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ طَاعَتَهُ فِيمَا أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ؟ قِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَنْ يَسْتَنَّ بِالْمَشُورَةِ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَا لِرَسُولِ اللَّهِ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ غَيْرِهِ؟ قِيلَ نَعَمْ «زَوَّجَ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ ابْنَتَهُ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ أُمُّهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ آمِرُوهُنَّ فِي بَنَاتِهِنَّ» وَكَانَتْ ابْنَتُهُ بِكْرًا وَلَا اخْتِلَافَ أَنْ لَيْسَ لِلْأُمِّ شَيْءٌ مِنْ إنْكَاحِ ابْنَتِهَا مَعَ أَبِيهَا وَلَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً وَلَا مِنْ إنْكَاحِ نَفْسِهَا إلَّا بِوَلِيِّهَا.
بَابُ النَّجْشِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ النَّجْشِ». أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنَاجَشُوا» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالنَّجْشُ أَنْ يُحْضِرَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ تُبَاعُ فَيُعْطِيَ بِهَا الشَّيْءَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِيَقْتَدِيَ بِهِ السُّوَّامُ فَيُعْطُونَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ لَوْ لَمْ يَسْمَعُوا سَوْمَهُ قَالَ فَمَنْ نَجَشَ فَهُوَ عَاصٍ بِالنَّجْشِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ عَنْهُ، وَمَنْ اشْتَرَى وَقَدْ نَجَشَ غَيْرَهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ كَمَا يَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَنْجُشُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ لَا يُفْسِدُهُ مَعْصِيَةُ رَجُلٍ نَجَشَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَقْدَهُ غَيْرُ النَّجْشِ وَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ لِأَنَّ النَّاجِشَ غَيْرُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ إنْ فَعَلَ النَّاجِشُ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ بِفِعْلِ غَيْرِهِمَا وَأَمْرُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ بِالنَّجْشِ مَعْصِيَةٌ مِنْهُ، وَمِنْ النَّاجِشِ مَعْصِيَةٌ قَالَ وَقَدْ «بِيعَ فِيمَنْ يُزِيدُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَازَ الْبَيْعُ» وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَادَ مَنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ.
بَابٌ فِي بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ». أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَنُنْهِي الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute