وَكَيْفَ إنَّمَا تَكُونُ فِي قَوْلِ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ يَكُونُ قَوْلُهُمْ تَبَعًا لَا مَتْبُوعًا وَلَوْ جَازَ فِي الْقَوْلِ اللَّازِمِ كَيْفَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى قِيَاسٍ أَوْ فِطْنَةِ عَقْلٍ لَمْ يَكُنْ لِلْقَوْلِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا بَطَلَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلَانِ: قَوْلٌ فُرِضَ لَا يُقَالُ فِيهِ كَيْفَ. وَقَوْلٌ تُبِعَ يُقَالُ فِيهِ كَيْفَ يُشْبِهُ الْقَوْلُ الْغَايَةَ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) وَالْقَوْلُ الْغَايَةُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قُلْت لَهُ: هَلْ تَعْلَمُ فِي قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ مَعْنًى إلَّا اثْنَيْنِ قَالَ مَا هُمَا؟ قُلْت إنَّ الْخَرَاجَ حَادِثٌ بِعَمَلِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ لَمَّا كَانَ هَكَذَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ إلَّا لِلْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ لِلْمَالِكِ مِلْكًا صَحِيحًا قَالَ لَا قُلْت فَإِنَّك لَمَّا فَرَّعْت خَالَفْت بَعْضَ مَعْنَاهُمَا مَعًا قَالَ وَأَيْنَ خَالَفْت؟ قُلْت زَعَمْت أَنَّ خَرَاجَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَخِدْمَتَهُمَا وَمَا مَلَكَا بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ كَنْزٍ وَجَدَاهُ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَدُلِّسَ لَهُ فِيهِ بِالْعَيْبِ وَلَهُ رَدُّهُ وَالْخِدْمَةُ وَمَا مَلَكَ الْعَبْدَ بِلَا خَرَاجٍ غَيْرِ الْخَرَاجِ فَإِذَا قِيلَ لَك لِمَ تَجْعَلُ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ الْخَرَاجِ وَالْخَرَاجُ يَكُونُ بِعَمَلِهِ وَمَا وُهِبَ لَهُ يَكُونُ بِغَيْرِ عَمَلِهِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَتِهِ؟ فَقُلْت لِأَنَّهُ حَادِثٌ فِي مِلْكِهِ لَيْسَ مِمَّا انْعَقَدَتْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَزَعَمْت أَنَّ أَلْبَانَ الْمَاشِيَةِ وَإِنْتَاجَهَا وَصُوفَهَا وَثَمَرَ النَّخْلِ لَا يَكُونُ مِثْلَ الْخَرَاجِ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ مِنْهَا وَالْخَرَاجُ لَيْسَ مِنْ الْعَبْدِ وَتَعَبُ الْعَبْدِ بِالْخَرَاجِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَبِ الْمَاشِيَةِ بِاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ يُؤْخَذُ مِنْهَا وَكِلَاهُمَا حَادِثٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَزَعَمْت أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ جَارِيَةً فَأَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا فَقِيلَ لَهُ أَوْ تُنْقِصُهَا الْإِصَابَةُ؟ قَالَ: لَا، فَقِيلَ: الْإِصَابَةُ أَكْثَرُ أَوْ يَجِدُ أَلْفَ دِينَارٍ رِكَازًا فَلْيَأْخُذْهَا السَّيِّدُ وَكِلَاهُمَا حَادِثٌ فِي مِلْكِهِ. فَقُلْت فَلِمَ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا؟ قَالَ لِأَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فَقُلْت أَوْ لَيْسَتْ أَمَتُهُ حِينَ يَرُدُّهَا؟ قَالَ: بَلَى قُلْت وَلَوْلَا أَنَّهَا أَمَتُهُ لَمْ يَأْخُذْ كَنْزًا وَجَدَتْهُ. قَالَ: نَعَمْ، قُلْت فَمَا مَعْنَى وَطْءِ أَمَتِهِ وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَك أَمَتُهُ حَتَّى يَرُدَّهَا؟ قَالَ: فَرَوَيْنَا هَذَا عَنْ عَلِيٍّ قُلْت أَثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ؟ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَا، قَالَ فَرَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ يَرُدُّهَا وَذَكَرَ عَشْرًا أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ قُلْت أَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ؟ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: لَا، قُلْت فَكَيْفَ تَحْتَجُّ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ وَأَنْتَ تُخَالِفُ عُمَرَ لَوْ كَانَ قَالَهُ؟ قَالَ أَفَلَيْسَ يَقْبُحُ أَنْ يَرُدَّ جَارِيَةً قَدْ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ. قُلْت أَيَقْبُحُ لَوْ بَاعَهَا؟ قَالَ: لَا، قُلْت فَإِذَا جَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْعَبْدِ بِالْعَيْبِ وَالْأَمَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَك مِثْلُ الْعَبْدِ وَأَنْتَ تَرُدُّ الْأَمَةَ مَا لَمْ يَطَأْهَا فَكَيْفَ قُلْت فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً وَهُوَ لَا يُنْقِصُهَا لَا يَرُدُّهَا إذَا وَطِئَهَا مِنْ شِرَاءٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ؟ قَالَ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهَا وَهُوَ يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِمَا وَصَفْت وَيَرُدُّهَا مَعَهُ قَالَ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ وَافَقَك عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ إذَا وُطِئَتْ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا وَخَالَفَك فِي نِتَاجِ الْمَاشِيَةِ فَقُلْت الْحُجَّةُ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ عَلَيْك.
بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ «أَنَّ مُحَيِّصَةُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَاعْلِفْهُ نَاضِحَك» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ «عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إجَارَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ اعْلِفْهَا نَاضِحَك وَرَقِيقَك» حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ فَأَمَرَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute