بَابُ الْخِلَافِ فِيهِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ الْمُصَلِّي رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ يَرْفَعُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ» قَالَ سُفْيَانُ ثُمَّ قَدِمْت الْكُوفَةَ فَلَقِيت يَزِيدَ بِهَا فَسَمِعْته يُحَدِّثُ بِهَذَا وَزَادَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فَظَنَنْت أَنَّهُمْ لَقَّنُوهُ قَالَ سُفْيَانُ هَكَذَا سَمِعْت يَزِيدَ يُحَدِّثُهُ هَكَذَا وَيَزِيدُ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُ قَالَ: وَذَهَبَ سُفْيَانُ إلَى أَنْ يُغَلِّطَ يَزِيدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولَ كَأَنَّهُ لُقِّنَ هَذَا الْحَرْفَ الْآخَرَ فَلَقَّنَهُ وَلَمْ يَكُنْ سُفْيَانُ يَرَى يَزِيدَ بِالْحَافِظِ لِذَلِكَ قَالَ فَقُلْت لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَثْبَتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَمْ حَدِيثُ يَزِيدَ؟ قَالَ بَلْ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ قُلْت فَمَعَ الزُّهْرِيِّ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْهُمْ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ كُلُّهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا وَصَفْت وَثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَوْلَى أَنْ تُثْبَتَ مِنْ حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَمِنْ أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِك إنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا إلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَمَعَك حَدِيثٌ يُكَافِئُهُ فِي الصِّحَّةِ فَكَانَ فِي حَدِيثِك أَنْ لَا يَعُودَ لِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَفِي حَدِيثِنَا يَعُودُ لِرَفْعِ الْيَدَيْنِ كَانَ حَدِيثُنَا أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ حِفْظٍ مَا لَمْ يَحْفَظْ صَاحِبُ حَدِيثَك فَكَيْفَ صِرْت إلَى حَدِيثِك وَتَرَكْت حَدِيثَنَا وَالْحُجَّةُ لَنَا فِيهِ عَلَيْك بِهَذَا وَبِأَنَّ إسْنَادَ حَدِيثِك لَيْسَ كَإِسْنَادِ حَدِيثِنَا بِأَنَّ أَهْلَ الْحِفْظِ يَرَوْنَ أَنَّ يَزِيدَ لَقَّنَ ثُمَّ لَا يَعُودُ قَالَ فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنْكَرَ حَدِيثَ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَقَالَ أَتَرَى وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْت: وَرَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا رَوَيَا عَنْ النَّبِيِّ خِلَافَ مَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: لَا وَلَكِنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ رَوَيَاهُ أَوْ فَعَلَاهُ؟ قُلْت: أَفَرَوَى هَذَا إبْرَاهِيمُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ نَصًّا؟ قَالَ: لَا قُلْت فَخَفِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ شَيْءٌ رَوَاهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ أَوْ فَعَلَاهُ؟ قَالَ مَا أَشُكُّ فِي ذَلِكَ قُلْت فَتَدْرِي لَعَلَّهُمَا قَدْ فَعَلَاهُ فَخَفِيَ عَنْهُ أَوْ رَوَيَاهُ فَلَمْ يَسْمَعْهُ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَيُمْكِنُ قُلْت أَفَرَأَيْت جَمِيعَ مَا رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ بِهِ فَأَحَلَّ بِهِ وَحَرَّمَ؟ أَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا قُلْت فَلِمَ احْتَجَجْت بِأَنَّهُ ذَكَرَ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ وَقَدْ يَأْخُذُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَأْتِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمِنْ قَوْلِنَا وَقَوْلِك: إنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ إذْ كَانَ ثَمَّةَ لَوْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ شَيْئًا فَقَالَ عَدَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ لَمْ يَكُنْ مَا رَوَى كَانَ الَّذِي قَالَ كَانَ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِهِ مِنْ الَّذِي قَالَ لَمْ يَكُنْ وَأَصْلُ قَوْلِنَا أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَوْ رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَيَكُونُ ثِقَةً لَلَقِيَهُمَا ثُمَّ أَرَدْت إبْطَالَ مَا رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ عَنْ النَّبِيِّ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إبْرَاهِيمُ فِيهِ قَوْلَ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَلَعَلَّهُ عَلِمَهُ قُلْت وَلَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَك فِيهِ حُجَّةٌ بِأَنْ رَوَاهُ فَإِنْ كُنْت تُرِيدُ أَنْ تُوهِمَ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ رَوَاهُ بِلَا أَنْ يَقُولَ هُوَ رَوَيْته جَازَ لَنَا أَنْ نَتَوَهَّمَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يَرْوِ أَنَّهُ عَلِمَ فِيهِ مَا لَمْ يَقُلْ لَنَا عَلِمْنَا وَلَوْ رَوَى عَنْهُمَا خِلَافَهُ لِمَ عِنْدَك فِيهِ حُجَّةٌ، فَقَالَ وَائِلٌ أَعْرَابِيٌّ فَقُلْت: أَفَرَأَيْت فرثعا الضَّبَّيَّ وَقَزْعَةَ وَسَهْمَ بْنَ مِنْجَابٍ حِينَ رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْهُمْ وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ أَهُمْ أَوْلَى أَنْ يُرْوَى عَنْهُمْ أَمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَكُمْ بِالصَّحَابَةِ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فِيمَا زَعَمْتُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَكُمْ بِحَدِيثٍ وَلَا شَيْءَ؟ قَالَ: بَلْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قُلْت فَكَيْفَ تَرُدُّ حَدِيثَ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَرْوِي عَمَّنْ دُونَهُ وَنَحْنُ إنَّمَا قُلْنَا بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عَنْ عَدَدٍ لَعَلَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَطُّ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُمْ غَيْرُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَوَائِلٌ أَهْلٌ أَنْ يَقْبَلَ عَنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقِيلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا إنَّهُ لَمَرْوِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute