للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ قَالَ: الْعِلْمُ مَا رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ أَوْ سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ قُلْت وَلَا عِلْمٌ ثَالِثٌ؟ قَالَ: لَا قُلْت فَإِذَا اشْتَرَى ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةِ سَنَةً عَبْدًا وُلِدَ بِالْمَشْرِقِ مُنْذُ خَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ فَادَّعَى الَّذِي ابْتَاعَهُ أَنَّهُ كَانَ آبِقًا فَكَيْفَ تُحَلِّفُهُ؟ قَالَ: عَلَى الْبَتَّةِ قَالَ يَقُولُ لَك تَظْلِمُنِي فَإِنَّ هَذَا وُلِدَ قَبْلِي وَبِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِي وَتُحَلِّفُنِي عَلَى الْبَتَّةِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُحِيطُ بِأَنْ لَمْ يَأْبَقْ قَطُّ عِلْمًا؟ قَالَ يُسْأَلُ قُلْت يَقُولُ لَك فَأَنْتَ تُحَلِّفُنِي عَلَى مَا تَعْلَمُ إنِّي لَا أَبَرُّ فِيهِ قَالَ وَإِذَا سَأَلْت وَسِعَك أَنْ تُحَلِّفَ قُلْت أَفَرَجُلٌ قُتِلَ أَبُوهُ فَغَبَّى مِنْ سَاعَتِهِ فَسَأَلَ أَوْلَى أَنْ يَعْلَمَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ بَلْ مَنْ قُتِلَ أَبُوهُ قُلْت فَقَدْ عِبْت يَمِينَهُ عَلَى الْقَسَامَةِ وَنَحْنُ لَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَحْلِفَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْعِلْمُ يُمْكِنُهُ وَالْيَمِينُ عَلَى الْقَسَامَةِ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْت بِرَأْيِك يَحْلِفُ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي وَصَفْت قَالَ فَقَدْ خَالَفَ حَدِيثُكُمْ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَابْنَ بُجَيْدِ قُلْت أَفَأَخَذْت بِحَدِيثِ سَعِيدٍ وَابْنِ بُجَيْدِ فَتَقُولُ اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذْت بِأَحَدِهَا؟ قَالَ: لَا قُلْت فَقَدْ خَالَفْت كُلَّ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسَامَةِ؟ قَالَ: لَا قُلْت فَلِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ؟ قَالَ هُوَ مُنْقَطِعٌ وَالْمُتَّصِلُ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ والأنصاريون أَعْلَمُ بِحَدِيثِ صَاحِبِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ قَالَ فَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدِ؟ قُلْت: لَا يَثْبُتُ ثُبُوتُ حَدِيثِ سَهْلٍ فَبِهَذَا صِرْنَا إلَى حَدِيثِ سَهْلٍ دُونَهُ قَالَ: فَإِنَّ صَاحِبَكُمْ قَالَ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ إلَّا بِلَوَثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ دَعْوَى مِنْ مَيِّتٍ ثُمَّ وَصَفَ اللَّوَثَ بِغَيْرِ مَا وَصَفْت قُلْت قَدْ رَأَيْتنَا تَرَكْنَاهُ عَلَى أَصْحَابِنَا وَصِرْنَا إلَى أَنْ نَقْضِيَ فِيهِ بِمِثْلِ الْمَعْنَى الَّذِي قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بِشَيْءٍ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ قَالَ وَأَعْطَيْتُمْ بِالْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ وَلَمْ تُعْطُوا بِهَا فِي الْجِرَاحِ قُلْت أَعْطَيْنَا بِهَا حَيْثُ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْجِرَاحُ مُخَالِفَةٌ لِلنَّفْسِ قُلْت لِأَنَّ الْمَجْرُوحَ قَدْ يَتَبَيَّنُ مِنْ جُرْحِهِ وَيَدُلُّ عَلَى مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ وَلَا يَتَبَيَّنُ الْمَيِّتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْنَا فَبِهَذَا لَمْ نُعْطِ بِهَا فِي الْجِرَاحِ كَمَا أَعْطَيْنَا بِهَا فِي النَّفْسِ وَالْقَضِيَّةُ الَّتِي خَالَفُوا بِهَا الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَحَلَفُوا أَهْلَ الْمَحَلَّةِ وَلَمْ يُبَرِّئُوهُمْ وَإِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَمِينَ مَوْضِعَ بَرَاءَةٍ وَقَدْ كَتَبْنَا الْحُجَّةَ فِي هَذَا مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا كَتَبْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَمَا رَأَيْنَاهُمْ ادَّعَوْا الْحُجَّةَ فِي شَيْءٍ إلَّا تَرَكُوهُ وَلَا عَابُوا شَيْئًا إلَّا دَخَلُوا فِي مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنُ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ بْنِ قِبْطِيٍّ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إبْرَاهِيمَ وَأَيْمُ اللَّهِ مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ قَالَ وَاَللَّهِ مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْنُ وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْلِفُوا عَلَى مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ حِينَ كَلَّمَتْهُ الْأَنْصَارُ أَنَّهُ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَبْيَاتِكُمْ فَدَوْهُ فَكَتَبُوا إلَيْهِ يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلُوهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا فَوَدَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ لِي قَائِلٌ: مَا يَمْنَعُك أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدِ؟ قُلْت لَا أَعْلَمُ ابْنَ بُجَيْدِ سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مُرْسَلٌ وَلَسْنَا وَلَا إيَّاكَ نُثْبِتُ الْمُرْسَلَ وَقَدْ عَلِمْت سَهْلًا صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ مِنْهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ سِيَاقًا لَا يُثْبِتُهُ إلَّا الْإِثْبَاتَ فَأَخَذْت بِهِ لِمَا وَصَفْت قَالَ فَمَا مَنَعَك أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ قُلْت مُرْسَلٌ وَالْقَتِيلُ أَنْصَارِيٌّ والأنصاريون أَوْلَى بِالْعِنَايَةِ بِالْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ إذَا كَانَ كُلُّ ثِقَةٍ وَكُلٌّ عِنْدَنَا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ثِقَةٌ.

<<  <   >  >>