ويقدم العموم على الخصوص، ومثلوا له بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(وأن تجمعوا بين الأختين) فإنه يحتمل أن يكون عاما في الجمع بالملك والنكاح، وأن يكون خاصا في الجمع بالنكاح.
وما في النشر من التقييد بكون ذلك قبل البحث عن المخصص، يظهر أنه محرف، أو سبق قلم، وأن الأصل، أو المقصود ' بعد البحث عن المخصص ' وذلك لما سبق من حكاية الغزالي، والآمدي، وابن الحاجب ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ الإجماع على منع العمل بالعام قبل البحث عن المخصص، فحمله على عمومه إنما هو بعد البحث، وعدم ثبوت التخصيص، سواء كان هناك نص آخر يحتمل أن يكون مخصصا، أو احتمل أن يكون المراد به الخصوص، لوروده على سبب معين، أو نحو ذلك، مما يكون معه خصوص العام محتملا.
وما في نثر الورود من استشكال المقابلة، منشؤه توهم اطراد مرجوحية احتمال التخصيص، وليس كذلك، فقد يكون احتماله مساويا لاحتمال العموم، كما يقع في بعض قضايا الأعيان كثيرا، وكما يقع في سياق بعض العمومات، حيث يؤذن إيذانا قويا باختصاص الحكم ببعض أفراد العام، وغير ذلك، وسيأتي الكلام على التخصيص بالسياق والقرائن، في الكلام على العام الوارد على سبب ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ.
وما قيل في العام مع المخصص، يقال أيضا في الحقيقة مع المجاز، والإطلاق مع التقييد، والنسخ مع البقاء، وغيرها، ولا يمكن أن يقال في الاحتمالين المتساويين إنه لا تقابل بينهما، ولا وجه لتخصيص الثلاثة التي خصها بالاستشكال، بل غيرها من المذكورات، أولى بالإشكال، لأنها أندر من الثلاثة بكثير، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإلى مسألة تقديم العموم أشار الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: عموم.
والآية التي مثلوا بها للمسألة، سيأتي أنها مع آية ملك اليمين من العامين الذين بينهما عموم وخصوص، ومثل ذلك لا يصح فيه القول بتقديم العموم، لأن كلا من النصين عام، في صورة التعارض، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويقدم أيضا البقاء على النسخ، وذلك كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وإذا