للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في جمع الجوامع: وألفاظ الرواية من صناعة المحدثين اهـ

[كتاب الإجماع]

الإجماع لغة يطلق في معنيين:

أحدهما العزم والتصميم، ومنه قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فأجمعوا أمركم وشركاءكم) وحديث " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " (١) ويتعدى بنفسه كما في الآية الكريمة، وبعلى، فقد حكى ابن فارس في المقاييس: أجمعت على الأمر إجماعا، وأجمعته، وتعديته بنفسه أفصح.

والثاني الاتفاق، ومنه أجمع القوم، إذا صاروا ذوي جمع، قال الفارسي: كما يقال: ألبن وأتمر إذا صار ذا لبن وتمر.

قال القاضي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: العزم يرجع إلى الاتفاق، لأن من اتفق (٢) على شيء، فقد عزم عليه.

وقال ابن برهان وابن السمعاني ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ: الأول أشبه باللغة، والثاني أشبه بالشرع، قاله في البحر.

وأشار الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى - إلى معناه في الاصطلاح بقوله:

وهو الاتفاق من مجتهدي … الامة، من بعد وفاة أحمد

وأطلقنْ في العصر، والمتفَق … عليه ................

والمعنى أن الإجماع هو اتفاق المجتهدين من أمة محمد ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ بعد وفاته - صلى الله تعالى عليه وسلم - في عصر من العصور، على أمر من الأمور.

والمراد بالاتفاق: الاشتراك في الاعتقاد، أو القول، أو الفعل، أو في الفعل المشترك بين الثلاثة، أو اثنين منها، أو بين القول - مثلا - والسكوت.

قال ابن عاشور - رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: مثال القول: أن يقولوا بتوريث الجدة،


(١) رواه أبو داوود والترمذي والنسائي والدارمي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.
(٢) كأنه يعني أنه جزم به ولم يتردد فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>