وأشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: ودرء ما يخشى أبى تعجيله، إلى أن تعجيل التبليغ قد يمتنع، وذلك حيث ترتب على التأخير درء فساد، ولهذا المعنى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها، وكان يقول:" الحرب خدعة "(١)
ونسبة الجهل لذي وجود … بما يُخصِّصُ من الموجود
معناه أن تعين البيان قبل وقت الحاجة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يقتضي تعين إعلام كل فرد من المكلفين، فإعلام البعض كاف، وعدم علم بعض المكلفين الموجودين حين الخطاب، ببعض الأحكام معروف عن أعيان الصحابة، كما في قصة سيدنا أبي بكر ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ في ميراث الجدة، وقصة سيدنا عمر ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ في مجوس هجر.
وحكي فيه قول بالمنع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فصل في النسخ]
النسخ لغة: الرفع والإزالة، ومنه نسخت الريح الأثر، قال في الحلي: ومنه قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) ويطلق بمعنى النقل، والتحويل، ومنه تناسخ الأرواح، قيل: ومنه نسخت الكتاب، قال الزركشي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وهو المعني بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) اهـ
ومذهب الأكثرين أنه حقيقة في الرفع والإزالة، مجاز في الثاني، وقيل مشترك بينهما، وقيل حقيقة في القدر المشترك بينهما.
واصطلاحا عرفه القاضي أبو بكر ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأنه: رفع الحكم الثابت، بطريان الحكم اللاحق، المضاد له، مع تراخيه عنه، لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ شرع الحكم السابق دائما على خلقه، والحكم الثاني اقتضى عدم دوام الحكم الأول، فعدم الحكم الأول، مضاف إلى وجود الحكم الثاني، قاله في النشر.
واختار التاج السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ هذا القول، لتناوله للنسخ قبل