وبقوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) ثم لما سأل ابن الزبعرى عن عيسى والملائكة - على نبينا وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم - نزل قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) اهـ منه بتصرف.
والثاني: أنه لا يجوز مطلقا، وهو قول المعتزلة، وكثير من الحنفية، وبعص الشافعية، وداود الظاهري، والأبهري ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ.
وإلى هذين القولين أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بالبيت الثاني.
والثالث: أنه يمتنع في ما له ظاهر، كالعام، والمطلق، ويجوز في ما لا ظاهر له، كالمجمل، ونسب لأبي الحسين المعتزلي.
والرابع: أنه يمتنع في ما لا ظاهر له، كالمجمل، ويجوز في ما له ظاهر، كالعام، حكاه الماوردي والروياني ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ وجها لأصحاب الشافعي.
وإلى هذين القولين أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بالبيت الثالث.
وقيل غير ذلك، والمعول مذهب الجمهور والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجائز تأخير تبليغ له … ودرء ما يُخشى أبى تعجيله
قوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وجائز تأخير تبليغ له، معناه أن تأخير النبي ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ بلاغ ما أوحي إليه إلى وقت العمل به، جائز، لا فرق في ذلك بين القرآن الكريم وغيره، إذ لا محذور فيه، خلافا لمن قال بعدم جواز ذلك، محتجا بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(بلغ ما أنزل إليك من ربك) قالوا: المراد بلغ على الفور، لأن وجوب التبليغ معلوم بالعقل ضرورة، فلا فائدة للأمر به، والوجوب بالعقل مبني على أن العقل يحسن ويقبح، فهو غير مسلم عند الجمهور، وكلام ابن الحاجب والإمام الرازي والآمدي ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ يقتضي الاتفاق على المنع في القرآن الكريم، للتعبد بتلاوته، فالحاجة إليه حاصلة قبل وقت العمل بمقتضاه، وهو بين، إذ قد ينسخ التعبد بالتلاوة دون الحكم ـ كما هو معلوم ـ والله سبحانه وتعالى أعلم.