وذهب قوم إلى التوفيق، فقالوا في هذه الكلمات، إن أصولها عجمية، لكن وقعت للعرب فعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: عجمية فهو صادق، ومال إلى هذا القول الجواليقي، وابن الجوزي، وغيرهما.
وذكر المعرب في الأصول لا يبنى عليه فرع فقهي، ولا تترتب عليه فائدة في هذا الفن، كما أشار إليه بقوله:
وذاك لا يبنى عليه فرع … حتى أبى رجوع در ضرع
والدر بفتح الدال: اللبن، أو كثيره، وحتى في نسخة جدنا المخطوطة من نشر البنود بالحاء، وهو الذي في الطبعة التي عندي منه أيضا، وهو ظاهر المعنى التركيبي لشرحه للشطر، ونصه: يعني أنه لا يبنى عليه فرع، ولا يستعان به في علم الأصول، حتى يعود الدر، بفتح الدال، وهو اللبن، إلى الضرع اهـ
[فصل في الكناية والتعريض]
مستعمل في لازم لما وضع … له وليس قصده بممتنع
فاسم الحقيقة وضد ينسلب … وقيل بل حقيقة لما يجب
من كونه في ما له مستعملا … والقول بالمجاز فيه انتقلا
لأجل الاستعمال في كليهما … والتاج للفرع والاصل قسما
مستعمل في أصله يراد … لازمه منه ويستفاد
حقيقة، وحيث الاصل ما قصد … بل لازم فذاك أولا وجد
معناه أن الكناية هي اللفظ المستعمل في لازم ما وضع له، مع جواز إرادة ما وضع له، لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته، وذلك كقولك: زيد طويل النجاد، وبكر كثير الرماد، قاصدا طول القامة في الجملة الأولى، والكرم في الجملة الثانية.
فالنجاد ـ بكسر النون ـ: حمائل السيف، وطولها يستلزم طول القامة، وكذلك كثرة الرماد تستلزم كثرة الطبخ، وذلك يسلتزم كثرة الضيفان.
وهذا ما أشار إليه بقوله: مستعمل في لازم البيت.