للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار ببقية الأبيات إلى الاختلاف في اللفظ المكنى به هل هو حقيقة أو مجاز؟

فقيل: ليس بحقيقة، لاستعماله في غير ما وضع له، ولا مجاز، لجواز إرادة الحقيقة. وقيل: إنه حقيقة لاستعماله في ما وضع له ابتداء، وإن كان المقصود بالذات إثبات لازمه، وهذا مثل قولهم في التعريض: إن المعنى المعرض به: هو المقصود الأصلي، فإرادة المعنى الأصلي، لا تنافي إرادة معنى آخر، فما قيل من أن الاستعمال هو الإرادة من اللفظ، وأن ما ذكر يقتضي المغايرة بينهما غير بين جدا.

وقيل: هو مجاز، لاستعماله في مجموع معنييه الحقيقي والمجازي.

ومنهم من فصل، فقال: إن أريد المعنى الأصلي ابتداء، لينتقل منه إلى لازمه، فهو حقيقة، وإن أريد لازم المعنى الأصلي ابتداء، دون توسط إليه بالمعنى الأصلي، فهو مجاز. وهذا هو المراد بقوله: والتاج للفرع والاصل قسما، والمراد بالتاج: تاج الدين السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ والمراد بالفرع: المجاز، وبالأصل: الحقيقة.

ومقتضى هذا أن الحكم عليه بالحقيقة والمجاز، متوقف على معرفة قصد المتكلم.

وسم بالتعريض ما استعمل في … أصل أو الفرع لتلويح يفي

للغير، من معونة السياق … وهو مركب لدى السباق

معناه أن التعريض هو استعمال اللفظ في معناه الحقيقي، أو المجازي، أو الكنائي، ليشار به إلى معنى آخر، لا من جهة وضع اللفظ، بل من معونة السياق والقرائن، وذلك كقولك بحضرة زيد الذي يؤذي المسلمين: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " (١) فهذا الكلام مستعمل في حقيقته التي هي انحصار الإسلام في من سلم المسلمون من لسانه ويده، ولازم ذلك انتفاء الإسلام عمن يؤذي المسلمين، وهو المعنى الكنائي، وسوق الكلام بحضرة زيد الذي يؤذي المسلمين، قرينة على أن المراد الأصلي التعريض به، بانتفاء وصف الإسلام عنه.

وقوله: وهو مركب لدى السباق، أشار به إلى أن اللفظ المعرض به لا يكون إلا مركبا


(١) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>