وخلافا لمن قال لا تفيده مطلقا، معللا ذلك بالتوقف على العلم بعدم المعارض.
قال السعد التفتازاني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في شرح المقاصد: الحق أنها تتوقف على عدم العلم بالمعارض، لا على العلم بعدمه، إذ كثيرا ما يحصل اليقين من الدليل، ولا يخطر المعارض بالبال، إثباتا أو نفيا، فضلا عن العلم بعدمه، فالمراد بقولهم: إن إفادتها اليقين تتوقف على العلم بعدمه، أنها تكون بحيث لو لاحظ العقل المعارض جزم بعدمه، نقله العطار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.
[فصل في المنطوق والمفهوم]
معنى له في القصد قل تأصل … وهو الذي اللفظ به يستعمل
أشار بهذا البيت إلى تعريف المنطوق، فذكر أنه المعنى الذي يراد من اللفظ في محل النطق، بحيث لا تتوقف استفادته من اللفظ، إلا على مجرد النطق به، بأن تكون دلالته عليه ناشئة من وضع اللفظ له، ولو وضعا نوعيا، كما في المجاز، حكما كان، أو لا، ذاتا كان، أو معنى.
أولها: كمجيء زيد، في قولك: جاء زيد.
والثاني: كزيد، والثالث: كالمجيء، خلافا لابن الحاجب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ حيث خصه كالمفهوم بالحكم، لأنهما عنده الدلالة لا المدلول.
فقوله: معنى له في القصد قل تأصل، معناه أنه المعنى الذي يفهم من اللفظ ابتداء، بلا واسطة شيء، من لزوم أو غيره، بخلاف المفهوم، فإنه مفهوم بالنظر إلى المعنى، إما من جهة كونه مناط الحكم، كما في مفهوم الموافقة بنوعيه، وبعض مفاهيم المخالفة، وإما من جهة التقييد، كما في كثير من مفاهيم المخالفة، وبخلاف توابع المنطوق، فهي مفهومة من لازم خارج عن مدلول اللفظ، كما في المدلول عليه بالاقتضاء، أو الإشارة، أو من السياق، كما في الإيماء.
فالمنطوق هو المعنى الأصلي الذي يفهم من اللفظ ابتداء، والمعاني الأخرى متفرعة عنه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
نص إذا أفاد ما لا يحتمل … غيرا، وظاهر إن الغير احتمل