ومثلوا لاستنان الجمع في البدلية، بالستر بأحد ثوبين كل منهما كاف في ستر العورة وحده، بالنسبة للمحرم، فالستر بأحدهما كاف في أداء الواجب، لكن الجمع بينهما بأن يتزر بأحدهما، ويرتدي بالآخر مسنون.
ومثلوا لاستنان الجمع في المرتبة بخصال كفارة الظهار، قال في شرح التنقيح: لأنها مصالح وقربات، وانظره (١).
ومثل ابن عاشور ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ لإباحة الجمع في المرتبة بالركوب في الطواف، إذا جاز له الركوب لعذر، فركب، ثم تكلف المشي في بعض الأطواف.
وحاصله: أن الجمع بينهما مع العذر جائز، لكن ينظر في كون ذلك جمعا.
ومثلوا لإباحة الجمع في البدلية بالثياب المتعددة بالنسبة لغير المحرم، إذا كان الواحد محصلا للمطلوب من الستر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[فصل في الواجب الموسع]
قال في النشر: وهو راجع إلى الواجب المخير قاله الفهري ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ ولذا ذكرت بعده مسألة الأمر بواحد مبهم من أشياء معينة.
وبيان ذلك أن المكلف مخير في أجزاء الوقت، كتخييره في المفعول في خصال كفارة اليمين.
ما وقته يسع منه أكثرا … وهو محدودا وغيره جرى
معناه أن الواجب الموسع، هو الموقت بوقت يزيد على فعله ـ يعني من الواجبات ـ وكأنهم خصوا الواجب بالذكر لاختصاصه ببعض بحوثه.
وسواء كان للوقت المذكور حد له ينتهي عنده، كما في أوقات الصلوات، أو لا، وذلك هو المقصود بقوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وهو محدودا وغيره جرى.
وليس هذا الإطلاق ببين عندي جدا، فإن قولنا في حده: يسع وقته أكثر من فعله، يقتضي اختصاص القسمة بالموقت، ومطلق الوقت، لا يخلو عنه مأمور، فتوجه أن يكون
(١) فذلك نظر من جهة أخرى، وإنما المراد الجمع من جهة القصد إلى التكفير بها.