بفعله ـ عليه الصلاة والسلام ـ وفي البعض الآخر بالقياس. (١) وأما نحو قضى بالشفعة للجار، فليس من هذا القبيل، وهو عام لأنه نقل الحديث بالمعنى، ولأن الجار عام.
وقال في التلويح: فهو حكاية عن قول النبي ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ الشفعة ثابتة للجار، ولئن سلمنا أنه حكاية الفعل، لكن الجار عام، لأن اللام لاستغراق الجنس، لعدم المعهود، فصار كأنه قال: قضى صلى الله تعالى عليه وسلم بالشفعة لكل جار اهـ
وقوله: إن نحو قضى بالشفعة للجار من قبيل الرواية بالمعنى غير بين، فالرواية بالمعنى خاصة بالألفاظ، والمعلوم في مثل هذا التركيب أن المراد به الإخبار عن الواقعة، لا رواية قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وإن كنا نعلم أن هذه الواقعة لا تخلو غالبا عن قول، لكن حكاية الواقعة بمثل هذا القول لا يقتضي أن القائل شهد الأمر، ولا أنه سمع لفظ النبي ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ ولا تكرر الحادثة، وحينئذ فليس في خبره ما يقتضي العموم.
أما قوله: قضى فمطلق، وأما قوله: بالشاهد، فلا معنى لقصد العموم فيه، مع عدم راجحية إرادة تكرر الأمر، فالوجه أن تكون الألف واللام فيه للجنس.
لكن لا ينبغي أن يختلف في عموم الحكم، في مثل هذا التركيب إذ الأصل عدم الخصوصية، فأقل أحواله أن يكون الخطاب فيه خطاب واحد، وهو عام من حيث الحكم اتفاقا، وموطأ الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وكتب أصحابه وغيرهم، مليئة بالاحتجاج بمثل هذه التراكيب في ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
وذكر منها أيضا خطاب الواحد، ومحل الخلاف فيه، إذا لم يقترن بما يدل على
(١) قال في التلويح: نحن نقول: لما ثبت جواز البعض بفعله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ والتساوي بين الفرض والنفل في أمر الاستقبال حالة الاختيار ثابت، فيثبت الجواز في البعض الآخر قياسا.