للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى ـ.

ومحل حمل المطلق على المقيد، إذا لم يتأخر المقيد عن وقت العمل بالمطلق، فإن تأخر كان ناسخا للمطلق، بالنسبة إلى صدقه بغير المقيد، فلو قال: إن ظاهرت فأعتق رقبة، ثم قال بعد ذلك: إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة، كان ناسخا لما اقتضاه القول من إجزاء الرقبة الكافرة، وإنما يحمل عليه إذا تقارنا، أو تأخر المطلق، أو جهل تاريخهما، أو تأخر الخطاب بالمقيد، عن الخطاب بالمطلق، لكن ورد قبل وقت العمل بالمطلق، وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:

وإن يكن تأخر المقيد … عن عمل فالنسخ فيه يعهد

وذلك لامتناع تأخر البيان عن وقت الحاجة، كما تقدم بيانه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإن يكن أمر ونهْي قُيِّدا … فمطلق بضد ما قد وجدا

المراد أنه إذا تقابل أمر ونهي، وكان أحدهما مقيدا، والآخر مطلقا، فالمطلق منهما مقيد بضد ما قيد به المقيد، جمعا بينهما.

فإذا قال: أعتق رقبة مؤمنة، وقال: لا تعتق رقبة، قيدت الرقبة في النهي بالكفر، وفي تسمية هذا تقييدا توسع.

وإذا قال: لا تعتق رقبة كافرة، وقال أعتق رقبة، قيدت الرقبة في الأمر بالإيمان.

وحيث ما اتحد واحد فلا … يحمله عليه جل العقلا

معناه أن المطلق لا يحمل على المقيد إذا اتفقا في الحكم دون السبب، أو في السبب دون الحكم، بل يبقى المطلق على إطلاقه، هذا مذهب جل المالكية، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.

وذهب جمهور الشافعية إلى أنه يحمل عليه، وجعله الرازي ضعيفا جدا.

وذهب محققون منا ومنهم إلى جواز التقييد بالقياس على المقيد على نحو ما يأتي اشتراطه في القياس، لا أن ذلك مطرد، هكذا ذكر هذا القول جماعة، وليس الكلام في هذا، إنما الكلام في الحمل بمقتضى اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>