للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى أنه يقتضي ذلك أحيانا، على حسب المعاني التي نحوا إليها في التفصيل.

قال الزركشي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في البحر: واعلم أن فائدة هذه المسألة أن ما ثبت أنه من باب النسخ، وكان مقطوعا به، فلا ينسخ إلا بقاطع، كالتغريب، فإن أبا حنيفة لما كان عنده نسخا نفاه، لأنه نسخ للقرآن بخبر الواحد، ولما لم يكن عند الجمهور نسخا قبلوه، إذ لا معارضة، نقله في الإرشاد.

وأما الزيادة المنفصلة، فإن لم تكن من جنس المزيد عليه، كزيادة الحج على الصلاة، فليست بنسخ اتفاقا، وإن كانت من جنسه، كزيادة صلاة على الصلوات، فليست بنسخ عند الجمهور، وجعلها بعض العراقيين نسخا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

واختلف كذلك في النقص من العبادة، هل هو نسخ للباقي؟

فالوجوب كان متعلقا بالكل، وبعد النقص صار الواجب البعض فقط، فقد نسخ وجوب الكل، أو المنسوخ إنما هو الساقط خاصة، إذ البعض الباقي لم يحصل تجدد لوجوبه، بل هو واجب بالوجوب الأول، وإنما طرأ بالنص إسقاط البعض، فالبعض الساقط هو الذي تغير حكمه.

وهذا الخلاف ناظر أيضا إلى ما سبق، ولا فرق في ما ذكر بين كون الساقط جزءا، كركعة من الصلاة، أو شرطا، كالوضوء، وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:

والنقص للجزء، أو الشرط انتقي … نسخه للساقط لا للذْ بقي

وقيل: نقص الجزء نسخ، بخلاف نقص الشرط.

وقيل: نقص الشرط المتصل، كالاستقبال، نسخ، بخلاف المنفصل، كالوضوء.

وقول الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وليس نسخا كل ما أفادا، هو على حد قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (لا يحب كل مختال فخور) فالمراد: عموم السلب، لا سلب العموم.

الاجماع والنص على النسخ ولو … تضمنا كلا معرفا رأوا

أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بهذا إلى ما يستدل به على النسخ، فذكر أن النسخ يعلم بتأخر أحد النصين ورودا، مع عدم إمكان الجمع بينهما، والتأخر يعرف بإجماع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>