للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون لقارئ (ألم) تسعون حسنة، إذ هي في اللفظ تسعة أحرف، فلما قال الصحابي ـ وبعضهم يرفعه ـ إنها ثلاثة أحرف، وإن لقارئها ثلاثين حسنة، لكل حرف منها عشر حسنات، ثبت أن حروف الكلم إنما تعد على حال صورهن في الكتابة، دون اللفظ اهـ.

وهذا يقتضي أن الرسم توقيفي، ويحتمل عليه أن يثاب على الأحرف الزوائد، ولم أقف على شيء في ذلك.

ووقفت بعد ذلك أيضا على جواب آخر للإمام الحافظ ابن الجزري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في ذلك، ونصه:

وقد سألت شيخنا الإمام ابن كثير ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: ما المراد بالحرف في الحديث؟

فقال: الكلمة، لحديث ابن مسعود ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ " من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف "

قال: وهذا الذي ذكره هو الصحيح، إذ لو كان المراد بالحرف حرف الهجاء، لكان ألف بثلاثة أحرف، ولام بثلاثة أحرف، وميم بثلاثة أحرف، وقد تعسر على فهم بعض الناس، فينبغي أن يتفطن له، فكثير من الناس لا يعرفه اهـ.

وهذا الجواب أقرب عندي مما قبله، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهو يقتضي أن الحرف يطلق بمقابلة معنيين غير حرف الهجاء: أحدهما الكلمة، والثاني الآية أو الجملة.

فبين الخبر أنه ليس المراد حرف الهجاء، ولا الحرف بمعنى الآية مثلا، وإنما المراد الحرف بمعنى الكلمة، وبهذا يظهر بيان عدم صحة ما يقع في كلام بعضهم من زيادة الأجر في كلمة بقراءة، عليها في قراءة أخرى، لزيادتها فيها بحرف، إلا أن يكون الحرف حرفا دالا على معنى، الذي هو الحرف في اصطلاح النحاة، وذلك أن ظاهر الخبر على هذا المعنى أن المراد الكلمة معنى لا رسما، ويحتمل اختصاص ذلك أيضا بالحرف الذي يستقل بنفسه كعن ومن، دون الحرف الذي لا يستقل بنفسه كالفاء، والباء، والواو، والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>