أخطأت فى أربع لا يخطأ فى مثلهن؟ قال: وما هنّ؟ قالوا: قلت فى زفر وأنت تريد أن تضع منه فرفعته حتى خوفت منه. فقال: صدقتم. وماذا؟ قالوا: وضغوت «٣٤» من الجحاف ضغوة أبقيت عارها على قومك إلى يوم القيامة. قال: صدقتم. وماذا؟ قالوا:
أردت هجاء سويد بن منجوف فمدحته. قال: صدقتم. وماذا؟ قالوا: أردت مديح سماك بن خرشة فهجوته. قال: صدقتم.
وأما خبر الجحاف فأخبرنى محمد بن يحيى قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن دماذ، عن أبى عبيدة، قال: دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان وعنده الجحاف بن حكيم السلمى- وقد كان الجحّاف اعتزل حربهم تحرّجا ولم يدخل فى شىء منها- فلما رآه الأخطل عند عبد الملك قال «٣٥» :
ألا أبلغ الجحّاف هل هو ثائر ... بقتلى «٣٦» أصيبت من سليم وعامر
فخرج الجحّاف من عند عبد الملك وهو يجرّ مطرفه غضبا.
فقال عبد الملك للأخطل: ما أراك إلّا قد جررت على قومك شرّا. ومضى الجحّاف، فأتى قومه وافتعل كتابا، وحشا جربا ترابا، وقال: إن عبد الملك قد ولّانى بلاد بنى تغلب، وهذه الجرب فيها المال؛ فتأهّبوا وامضوا معى. فمضوا معه.
فلما أشرف على بلاد بنى تغلب نثر التراب، وخرّق الكتاب، وقال: ما من ولاية؛ ولكنى غضبت لكم- وأخبرهم بقول الأخطل عند عبد الملك- فاثأروا بقومكم. فشدّ على بنى تغلب بالبشر ليلا، وهم غارّون آمنون، فقتل منهم مقتلة عظيمة. وهرب الأخطل من ليلته مستغيثا بعبد الملك، فلما دخل عليه قال «٣٧» :
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل
فإلّا تغيّرها «٣٨» قريش بملكها ... يكن عن قريش مستماز ومزحل