للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان أبو الهذيل يلعنه لهذا؛ ويقول: يعتقد الكذب والفجور فى شعره.

قال الصولى: فأنشدنى محمد بن العباس اليزيدى، قال: سمعت أحمد بن عبد الله يقول: ما يروى للعباس بن الأحنف هجاء إلا هذا، وكان يستضعفه «١٧» :

يا من يكذب أخبار الرسول لقد ... أخطأت فى كل ما تأتى وما تذر

كذّبت بالقدر الجارى عليك، فقد ... أتاك منّى بما لا تشتهى القدر

قال الصولى: ولعل هذا فى أبى الهذيل.

٧- كلثوم بن عمرو العتابى [١]

أخبرنى محمد بن يحيى، قال: كان أبو أحمد يحيى بن على المنجّم قد ناظر رجلا يعرف بالمتفقّه الموصلى فى العباس بن الأحنف والعتّابى، فعمل يحيى فى ذلك رسالة، وأنفذها إلى على بن عيسى، لأنّ الكلام كان بحضرته. قال الصولى: وقد حضرت أنا ذلك المجلس، فكان مما خاطبه به أن قال: ما أهلّ نفسه العتّابيّ قط لتقديمها على العباس بن الأحنف فى الشعر، ولو خاطبه بذلك مخاطب لدفعه وأنكره، لأنه كان عالما لا يؤتى من معرفة بالشعر، ولم أر أحدا من العلماء بالشعر قط مثّل بين العباس والعتّابى فضلا عن تقديم العتّابى عليه لتباينهما فى المذهب، وذلك أن العتّابى متكلّف والعباس يتدفّق طبعا؛ وكلام هذا سهل عذب، وكلام ذاك متعقّد كزّ. ولشعر هذا ماء ورقة وحلاوة، وفى شعر ذاك غلظ وجساوة. وشعر هذا فى فنّ واحد- وهو الغزل- فأكثر فيه وأحسن، وقد افتنّ العتابى فلم يخرج فى شى منه عما وصفناه به. وإنّ من أشعر شعر العتابى لقصيدته التى يمدح فيها الرشيد وأولها «١٨» :


[١] هو كلثوم بن عمرو، من بنى تغلب، من بنى عتاب، ويكنى أبا عمرو، من أهل قنسرين. وكان شاعرا محسنا وكاتبا فى الرسائل مجيدا، ولم يجتمع هذان لغيره. وشخص إلى المأمون، ولما قال له سلنى، قال: يدك بالعطاء أطلق من لسانى.
وترجمته فى الشعر ٨٥٩، وطبقات ابن المعتز ٢٦١، والأغانى ١٢- ٢، وتاريخ بغداد ١٢- ٤٤٨، معجم الأدباء ١٧- ٢٦.

<<  <   >  >>