للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا ليلة لى بحوّارين ساهرة ... حتى تكلّم فى الصبح العصافير

فقال فيها «١٩» :

فى مآقىّ انقباض عن جفونهما ... وفى الجفون عن الآماق تقصير

وهذا بيت أخذه من قول بشار الذى أحسن فيه غاية الإحسان وهو قوله «٢٠» :

جفت عينى عن التغميض حتى ... كأنّ جفونها عنها قصار

فمسخه العتابى. على أنّ بشارا قد أخذه من قول جميل «٢١» [١٧٢] :

كأنّ المحبّ قصير الجفون ... لطول السّهاد ولم تقصر

إلا أنّ بشارا قد أحسن فى أخذه، ولم يبلغ جميلا، وجاء هذا إلى المعنى قد تعاوره شاعران محسنان مقدّمان وأحسنا فيه، فنازعهما إياه فأساء، وحقّ من أخذ معنى وقد سبق إليه أن يصنعه أجود من صنعة السابق إليه أو يزيد فيه عليه حتى يستحقه، فأمّا إذا قصر عنه فإنه مسىء معيب بالسرقة مذموم فى التقصير.

ولقد هاجى أبا قابوس النصرانى، فغلب عليه فى كثير مما جرى بينهما على ضعف منّة أبى قابوس فى الشعر، ثم قال فى هذه القصيدة «٢٢» :

ماذا عسى مادح «٢٣» يثنى عليك وقد ... ناداك فى الوحى تقديس وتطهير

فتّ الممادح «٢٤» إلّا أنّ ألسننا ... مستنطقات بما تخفى الضمائير

فقال: «الممادح» ؛ والمدائح أحسن منها وأخفّ على السمع، وأشبه بألفاظ الحذّاق والمطبوعين، وقال: «مستنطقات» ؛ ونواطق أحسن وأطبع، ثم قال «الضمائير» فختم البيت منها بأثقل لفظة لو وقعت فى البحر لكدّرته، وهى صحيحة، ولكنها غير مألوفة،

<<  <   >  >>