للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[من العيوب العامة للمعانى:]]

قال «٣٨» : ومن عيوب الشعر «فساد التفسير» ، مثل قول بعض المحدثين:

فيأيها الحيران فى ظلم الدّجى ... ومن خاف أن يلقاه بغى من العدى

تعال إليه تلق من نور وجهه ... ضياء ومن كفّيه بحرا من النّدى

والعيب فى هذين البيتين أنّ هذا الشاعر لما قدّم فى البيت الأول الظّلم وبغى العدى كان الجيّد أن يفسّر هذين المعنيين فى البيت الثانى بما يليق بهما، فأتى بإزاء الإظلام بالضياء، وذلك صواب، وكان يحب أن يأتى بإزاء بغى العدى بالنصرة أو بالعصمة أو بالوزر «٣٩» [١٢٦] ، أو بما جانس ذلك مما يحتمى به الإنسان من أعدائه؛ فلم يأت بذلك، وجعل مكانه ذكر الندى، ولو كان ذكر فى البيت الأول الفقر أو العدم لكان ما أتى به صوابا.

قال «٤٠» : ومما جاء فى الشعر من التناقض على طريق القنية والعدم قول ابن نوفل:

لأعلاج ثمانية وشيخ ... كبير السنّ ذى بصر ضرير

فلفظة «ضرير» إنما تستعمل- وهى تصريف فعيل من الضرّ- فى الأكثر للذى لا بصر له، وقول هذا الشاعر فى هذا الشيخ إنه ذو بصر وإنه ضرير- تناقض من جهة القنية والعدم، وذلك أنه كأنه يقول: إن له بصرا ولا بصر له، فهو بصير أعمى.

[[من عيوب ائتلاف المعنى والقافية:]]

قال «٤١» : ومن عيوب الشعر أن تكون القافية مستدعاة، قد تكلّف فى طلبها، فاشتغل معنى سائر البيت بها؛ مثل ما قال أبو تمام الطائى «٤٢» :

كالظّبية الأدماء صافت فأرتعت ... زهر العرار الغض والجثجاثا

<<  <   >  >>