للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٥- جماعة من الشعراء

[١] أخبرنا محمد بن محمد القصرى. قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل، قال: ماتت أمّ سليمان بن وهب، فجاءه أبو أيوب ابن أخت أبى الوزير فعزّاه، وقال: لابد من أن تسمع مرثيتى لها رحمها الله تعالى، قال: هات، أعزّك الله! فأنشده:

لأمّ سليم نعمة مستفادة ... علينا كسلّ المرهفات البواتر «١٧»

عرانى همّ آخذ بالحناجر ... لأمّ سليم من كرام العناصر

وكنت سراج البيت يا أمّ سالم ... فسار سراج البيت وسط المقابر

فجزاه خيرا، وانصرف.

فأقبل سليمان بن وهب على الناس، فقال: ما امتحن أحد بمثل محنتى؛ ماتت أمى، وهى أعزّ النّاس علىّ، ورثيت بمثل هذا الشعر، وكنيت بكنيتين لا نعرف واحدة منهما، وجعلت أنا مرّة سليما- مصغّرا ومرة سالما، وترك اسمى الذى سمّانى به أبواى؛ فمن محن بمثل محنتى! أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنى عون بن محمد الكندى، قال: حدثنى الجاحظ سنة ثلاثين ومائتين، قال: حدثنى أبو نواس أنه غاب عن بغداد، فقدم إليه رجل؛ فقال له: هل من خبر؟ فقال: نعم، أنشد بعض الشعراء مدحا فى زبيدة- وهى تسمع، فقال «١٨» :

أزبيدة ابنة جعفر ... طوبى لزائرك المثاب

تعطين من رجليك ما ... تعطى الأكفّ من الرّغاب

فوثب إليه الخدم يضربونه، فمنعتهم، وقالت: أراد خيرا فأخطأه، ومن أراد خيرا فأخطأ أحبّ إلينا ممن أراد شرّا فأصاب؛ سمع قولهم: شمالك أندى من يمين غيرك،


[١] سبق مثل هذا العنوان، وهنا الجماعة من الشعراء المحدثين.

<<  <   >  >>