للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا مستعذبة، وما شىء أملك بالشعر بعد صحة المعنى من حسن اللفظ، وهذا عمل التكلّف وسوء الطبع. وللعباس إحسان كثير.

أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنى أحمد بن إبراهيم الغنوى، قال: كنا عند هلال بن العلاء فذكروا العتّابى، فقال له رجل: هو كزّ لا رقّة له. فقال هلال: أتقول هذا لمن يقول:

رسل الضمير إليك تترى ... بالشوق متعبة وحسرى

وهى أبيات.

٨- أشجع السلمى [١]

أخبرنى محمد بن يحيى، قال: حدثنى عبد الله بن الحسين، قال: قال لى البحترى:

دعانى على بن الجهم، فمضيت إليه، وأفضنا فى أشعار المحدثين إلى أن ذكرنا أشجع السّلمى، فقال لى: إنه يخلى، وأعادها مرات ولم أفهمها، وأنفت أن أسأله عن معناها، فلما انصرفت أفكرت فى الكلمة ونظرت فى شعر أشجع فإذا هو ربما مرّت له الأبيات مغسولة ليس فيها بيت رائع، وإذا هو يريد هذا بعينه أنه يعمل الأبيات ولا تصيب فيها بيتا نادرا، [١٧٣] كما أن الرامى إذا رمى برشقه فلم يصب فيه بشىء قيل: أخلى.

وكان على بن الجهم عالما بالشعر.

وأخبرنى الصولى، قال: حدثنى على بن العباس النوبختى، قال: حدثنى البحترى، قال: كنت فى مجلس فيه على بن الجهم، فتذاكرنا الشعراء المحدثين، فمرّ ذكر أشجع.

فقال على: ربما أخلى. فلم أدر ما قال، وأنفت من سؤاله عن معناه، وانصرفت، فنظرت فى شعر أشجع فإذا هو ربما مرت له الأبيات مغسولة خالية من معنى ولفظ، فعلمت أنه أراد ذلك، وأن معناه أنّ الرّامى إذا لم يصب من رشقه كلّه الغرض بشىء قيل «أخلى» ؛ فجعل ذلك قياسا.


[١] هو أشجع بن عمرو، من بنى سليم، وكان متصلا بالبرامكة، وله فيهم أشعار كثيرة. وكان على قلب الرشيد ثقيلا من بين الشعراء، ثم دخل عليه ومدحه فارتاح له، وقال له: يا أشجع لقد دخلت إلى وأنت أثقل الناس على قلبى، وإنك لتخرج من عندى وأنت أحب الناس إلى.
وترجمته فى طبقات ابن المعتز ٢٥١، والشعر والشعراء ٨٥٧، والأغانى ١٧- ٣٠- وتاريخ بغداد ٧- ٤٥، ومعاهد التنصيص ٢- ١٣٣.

<<  <   >  >>