لأنه ذكر الشباب فى هذا البيت مرتين، وكان يجب أن يغيّر الأوّل أو الثانى، وتغيير الثانى أشبه؛ لانّ قوله:«ولم يمض من عهد الشباب» قول من لم يذكر الشباب فى صدر بيته؛ ولم يتكلم الحذّاق فى هذا إلّا بردّ ضمير عليه؛ فيقال: ولم يمض منه، أوله، أو عليه؛ فلو قال:«من عهد عليه قديم» كان أشبه.
قال الشيخ أبو عبيد الله المرزبانى رحمه الله تعالى: وللبحترى مثله؛ وهو قوله «٦»
صنت نفسى عما يدنّس نفسى ... وترفّعت عن جدا كلّ جبس «٧»
٢٧- أحمد بن أبى فنن [١]
حدثنى بعض أصحابنا عن أبى العباس أحمد بن يحيى النحوى، قال: مما يعاب على قيس بن الخطيم قوله «٨» :
كأنها عود «٩» بانة قصف «١٠»
لأنّ المرأة تشبّه بالعود المتثنى لا بالمتقصّف.
قال الشيخ أبو عبيد الله المرزبانى رحمه الله تعالى [٢١٢] : فأخذه ابن أبى فنن فقال فى وصيف الخادم الصغير:
أيها الظبى المليح ال ... قدّ مجدول مهفهف
أنا من ميلك فى مش ... يك مرعوب مخوّف
لا تملينّ فإنى ... خائف أن تتقصّف
فحدّثنى المظفر بن يحيى، قال: قال ابن الرومى فى بيت ابن أبى فنن هذا: إنما أراد أنه يميل من لينه ونعمة أعضائه، فأسرف حتى أخطأ؛ وذلك أنه جعل اللين المفرط يتقصّف؛
[١] فى المختار من شعر بشار (٢، ١٥٨، ١٨١) ، ومعاهد التنصيص ١- ١٤٣ شىء من شعره.