للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسين، وعرّفوها أنفسهم، فبعثت إليهم بجارية لها أديبة ظريفة، فقالت: قولى للفرزدق: ألست القائل: هما دلتانى من ثمانين قامة؟ وذكر الأبيات- ما أحسنت، هتكت ستركما، وقد ستر الله عليكما؛ وأخرجت دراهم فدفعتها إليه. ثم دخلت وخرجت فقالت: أيكم القائل [٨٢] «٦٣» :

طرقتك صائدة القلوب ... البيت.

فقال جرير: أنا. فقالت: تقول لك مولاتى: ما أحسنت ولا سلكت طريقة الشعراء؛ أيكون وقت لا تصلح فيه زيارة الحبيب؟ ألا رحبّت وقرّبت وقلت: فادخلى بسلام. وأعطته دراهم. وذكر باقى الحديث.

وحدثنى أبو عبد الله الحكيمى، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الصغير، عن أبيه، عن الهيثم بن عدى، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه، قال: مررت بالمدينة فعجت إلى سكينة بنت الحسين لأسلّم عليها، فألفيت على بابها الفرزدق وجريرا وكثّير عزة وجميل بن معمر والناس مجتمعون عليهم. فخرجت جارية لها بيضاء فقالت: يا أبا الزناد، شغلك شعراؤنا عن البعثة إلينا بالسلام. قال: قلت: أجل، وما أقبلت إلا للسلام عليكم. فدخلت ثم خرجت فقالت: أيكم الفرزدق؟ تقول مولاتى لك: أأنت القائل:

هماد دلّتانى من ثمانين قامة

.. وذكر الأبيات قال: نعم. قالت: سوأة لك، أما استحييت من الفحش تظهره فى شعرك؟ ألا سترت عليك؟ أفسدت شعرك.

ثم دخلت وخرجت فقالت: أيكم جرير؟ أأنت القائل «٦٤» :

سرت الهموم فبتن غير نيام ... وأخو الهموم يروم كلّ مرام

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين الزيارة فارجعى بسلام

قال: نعم. قالت: كيف جعلتها صائدة لقلبك حتى إذا أناخت ببابك جعلت دونها سترك؟

<<  <   >  >>