للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفصة هذا الباهلى فأنشده القصيدة، فقال له مروان بعنيها. واكتمها علىّ. ففعل، فاشتراها منه بثلاثمائة درهم، وقلب الاسم، فقال «٤٣» :

معن بن زائدة الذى زيدت به ... شرفا على شرف بنو شيبان

وتممها، وجعلها مديحا لمعن.

وأخبرنى علىّ بن هارون، عن عمه يحيى بن على، عن أبيه على بن يحيى، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلى، قال: قال مروان بن أبى حفصة: خرجت أريد معن بن زائدة فضمّنى الطريق وأعرابيا، فسألته: أين تريد؟ فقال: هذا الملك الشيبانى. قلت:

فما أهديت إليه؟ قال: بيتين. قلت: فقط! قال: إنى جمعت فيهما ما يسرّه [١٤١] .

فقلت: هاتيهما، فأنشدنى:

معن بن زائدة الذى زيدت به ... شرفا على شرف بنو شيبان

إن عدّ أيام الفعال فإنما ... يوماه يوم ندى ويوم طعان

قال: ولى قصيدة حكتها بهذا الوزن. فقلت: تأتى رجلا قد كثرت غاشيته، وكثر الشعراء ببابه؛ فمتى تصل إليه؟ قال: فقل. قلت: تأخذ منى ما أمّلت بهذين البيتين، وتنصرف إلى رحلك. قال: فكم تبذل؟ قلت: خمسين درهما. قال: ما كنت فاعلا؛ ولا بالضعف! قال: فلم أزل أرفق به حتى بذلت له مائة وعشرين درهما. فأخذها وانصرف. فقلت: إنى أصدقك. قال: والصدق بك أحسن. قلت: إنى قد حكت قافية توازن هذا الشعر، وإنى أريد أن أضمّ هذين البيتين إليها. قال: سبحان الله! لقد خفت أمرا لا يبلغك أبدا.

فأتيت معن بن زائدة، وجعلت البيتين فى وسط الشعر، وأنشدته؛ فأصغى نحوى، فوالله ما هو إلا أن بلغت البيتين فسمعهما، فما تمالك أن خرّ عن فرشه حتّى لصق بالأرض، ثم قال: أعد البيتين. فأعدتهما، فنادى: يا غلام، ائتنى بكيس فيه ألف دينار! فما كان إلا لفظه وكيسه، فقال: صبّها على رأسه! ثم قال: هات عشرين ثوبا من خاصّ كسوتى، ودابّتى الكذا، وبغلى الكذا. قال: فانصرفت بحباء الأعرابى لا بحباء معن.

<<  <   >  >>