للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنّة العشّاق واحدة ... فإذا أحببت فاستكن

ظنّ بى من قد كلفت به ... فهو يجفونى على الظّنن

رشأ «٦» لولا ملاحته ... خلت الدّنيا من الفتن

يا أمين الله عش أبدا ... دم على الأيام والزّمن

أنت تبقى، والفناء لنا ... فإذا أفنيتنا فكن

تضحك الدنيا إلى ملك ... قام بالأحكام والسّنن

كيف تسخو النفس عنك وقد ... قمت بالغالى من الثمن

سنّ للنّاس النّدى فندوا «٧» ... فكأنّ البخل لم يكن

وقال قدامة بن جعفر «٨» : الفرق بين الممتنع والمتناقض أنّ المتناقض لا يكون، ولا يمكن تصوّره فى الوهم، والممتنع لا يكون ويجوز أن يتصوّر فى الوهم. ومما جاء فى الشعر- وقد وضع الممتنع فيه فيما يجوز وقوعه- قول أبى نواس:

يا أمين الله عش أبدا ... دم على الأيام والزّمن

فليس يخلو هذا الشاعر من أن يكون تفاءل لهذا الممدوح بقوله: «عش أبدا» أو دعاله، وكلا الأمرين بما «٩» لا يجوز مستقبح. ولعل معترضا أن يعترض «١٠» هذا القول بأن يجعل هذا القول غلوّا يلزمنا تجويزه كما أصّلنا تجويز الغلوّ فى الشعر واستجادته «١١» ؛ فالفرق بين هذا الباب وباب الغلوّ أنّ مخارج الغلوّ إنما هى على «يكاد» ، وليس فى قول أبى نواس: «عش أبدا» - موضع يحسن فيه «يكاد» ؛ لأنه لا يحسن على مذهب الدعاء أن يقال: يا أمين الله تكاد تعيش أبدا.

قال: ومن التنقاقض قول أبى نواس أيضا يصف الخمر «١٢» :

<<  <   >  >>