[٢٠٠] ومما احتذى فيه البحترى أبا تمام، وقدّر مثل كلامه، فعمل معناه عليه ما أخذه من قوله «٢٦» :
همّة تنطح النجوم وجدّ ... آنف للحضيض فهو حضض
فقال البحترى «٢٧» :
متحيّر يغدو بعزم قائم ... فى كلّ نازلة وجدّ قاعد
وسرقات البحترى من أبى تمام كثيرة.
حدثنى على بن هارون، قال: حدثنى أبو عثمان الناجم، قال على: وأحسب أن على بن العباس النّوبختى قد حدثنى به، قال: سمعت البحترى يقول: مكثت فى لوحى:
خضبت فى لوحى:«خضبت بالمقراض» أربعين سنة حتى أتممتها، فقلت «٢٨» :
لم يدعنى «٢٩» كرّ الغديّات والآ ... صال حتى خضبت بالمقراض
حدثنى على بن هارون، قال: أخبرنا أبو الغوث يحيى بن البحترى، عن أبيه، أنه أجبل عشر سنين؛ فما كان يستطيع أن يقول بيتا من الشعر، قال: ثم دعانى فى وقت من الأوقات، فقال لى: تعال يا بنى. فجئت إليه. فقال: اكتب. وأقبل يملى علىّ ابتداء قصيدة قد كان قال بعضها، ووسط قصيدة، وقطعة من مدح من قصيدة، وتشبيبا من أخرى، فقلت له: يا أبت، ما هذا؟ وظننته من أشعار له قديمة، فقال لى: يا بنى، قد عرفت المدة التى قطعت فيها قول الشعر، وو الله ما كنت أستطيع فيها أن أنظم بيتين؛ وأما الآن فقد اطلعت طلع بحر من الشعر لا يلحق غوره.
وقال بعضهم: مما وجد فى شعر البحترى من اللحن قوله «٣٠» :
يا عليّا «٣١» يا أبا الحسن الما ... لك رقّ الظريفة الحسناء