سفوحان «١٠٢» تفترّ المكارم عنهما ... كما الغيث مفترّ عن البرق والرّعد
فقال البحترى «١٠٣» :
يوليك صدر اليوم قاصية الغنى ... بمواهب «١٠٤» قد كنّ أمس مواعدا
سوم السحائب ما بدأن بوارقا ... فى عارض إلا ثنين «١٠٥» رواعدا
لم يحسن أخذ المعنى؛ لأنّ أبا تمام جعل الوعد مكان البرق والرعد اللذين يدلّان على الغيث، وأقام النائل مقام الغيث. والبحترى قال:«إلا انثنين «١٠٦» رواعدا» .
ضحكات فى إثرهنّ العطايا ... وبروق السحاب قبل رعوده
فحبيب إنما شبّه البشر بالبرق الذى هو دليل على الغيث، ثم أقام العطاء من بعد البشر مقام الغيث؛ فأما الرعود فليس لذكرها فى هذا الموضع معنى؛ بل الرعود مكروهة لا يؤمن من الآفات فيها بالصواعق والبرد، وما علمنا أحدا وصفها فأقامها مقام المطر غيره.
وسرقات البحترى من أبى تمام نحو خمسمائة بيت؛ وإنما ذكرنا منهما فى هذا الموضع ما قصّر فيه البحترى عن مدى أبى تمام أو شاركه فى عيبه.
حدثنى أحمد بن محمد بن زياد، قال: سألت أبا الغوث عن السبب فى خروج أبيه عن بغداد؛ فقال لى: كان أبى قد قال فى قصيدته التى رثى فيها أبا عيسى بن صاعد-