للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاعر كان عندنا، فجعل ينشده وأبو العتاهية لا يصغى إليه، لأنه لم يستجد شعره. فقال له الشاعر: ما لك لا تصبر حتى تسمع؟ فقال:

سأصبر جهدى لما أسمع ... فإن عيل صبرى فما أصنع

أخبرنى محمد بن العباس، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن موسى البربرى، قال:

حدثنى محمد بن على بن حمزة، قال: حدثنى عبد الله بن المدينى أبو محمد، قال: كنا عند أبى العتاهية أنا وخالد بن محجن، فأنشد ابنه شعرا، فقال أبو [٢٣٣] العتاهية: إنى والله قد نهيته عن هذا، فليس يقبل فقال ابنه: أريد أن أتعوّده وأنشأ عليه. فقال:

يا بنى، هذا الأمر يحتاج إلى رقة وطبع فائض، وأنت ثقيل الجوانب، مظلم الحركات؛ فاذهب إلى سوقك سوق البزّ، فإنه أعود عليك! حدثنى محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن أبى سعد الورّاق، وحدثنا محمد بن القاسم بن محمد الأنبارى، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا ابن أبى سعد، قال: حدثنى محمد بن الحسن السامى، قال: حدثنى عمرو مولى مزلاج الليثى، قال:

حدثنى أبو نواس الحسن بن هانئ، قال: جاء شاعر من غثاث الشعراء إلى زبيدة فامتدحها، فقال «٣١» :

أزبيدة ابنه جعفر ... طوبى لسائلك المثاب

تعطين من رجليك ما ... تعطى الأكفّ من الرغاب

قال: فهمّ به الحشم والخدم. فقالت: لا تفعلوا؛ فإنه إنما أراد الخير فأخطأ، ومن أراد الخير فأخطأ أحبّ إلينا ممن أراد الشرّ فأصاب؛ وإنما أراد أن يقول على قول الشاعر «٣٢» : «شمالك أجود من يمين غيرك، وقفاك أحسن من وجه غيرك؛ فظنّ أنه إذا ذكر الرّجلين أنه أبلغ فى المدح؛ وأمرت له بجائزة» .

قال عمرو مولى مزلاج: فقال لى أبو نواس: لقد ورد عليها شىء لو ورد على العبّاس بن عبد المطلب رضى الله عنه ما كان عنده من الحلم والاحتمال وتسهيل الأمر أكثر

<<  <   >  >>